رواية ان الله سيبطله الحلقة الخامسة ‏

الحلقة الخامسة

الكل مترقب، خايف، متوتر، شجار بيحصل كل شوية في بيت من البيوت، اللي بيتخانق مع زوجته لأنها رافضة تتعرى زي ما طلبت نوارة، واللي بتتخانق مع زوجها عشان عنده الموت أهون من انه يعري أهل بيته على الملأ..

ولكنه الخوف، المرض اللي مالوش علاج، واللي بتجري ورا اي وصفة دوا بتتقال لك عشان تشتري الأمان اللي هو ترياق الخوف..

والأمان اتعدم من شهر كامل مع دخول موكب الموتى للبلد، اليوم بيجري والشمس قربت من المغيب..

النار متوهجة على مدخل القرية يعني محدش هيقدر يهرب من الأساس، وانتهك قهر الرجال كل الرجال لما خضعوا لأمر نوارة وقرروا يخرجوا عرايا مع زوجاتهم على الملأ، لان على حسب كلام نوارة ده الحل الوحيد..

بس قبل غروب الشمس بساعتين دخلت عربية للقرية، قدرت انها تتجاوز النار وتعدي، نزل منها الشيخ مجدي وجري على مسجد القرية لما عرف الكارثة اللي هتحصل..

اللي هيخرج عاري هيسقط بين براثن الشياطين وهيحتلوا جسده للأبد، وهتبقا البلدة خراب في خراب..

ومن فوق المسجد بدأ يدعو الناس

"يا أهل البلد اتقوا الله، اياكم حد يخرج من بيته الليلة، انا لها انا لها"

وصحيت بعض الضماير في النفوس، النخوة والحياء اللي صرخوا جوة القلوب، البعض قرر يموت على انه يعمل فعل زي ده، والبعض كان عرف اللي حصل للشيخ لما اضرب في النار في البلد التانية، وعرفوا انه هيسبب بهلاكهم وبس، بل وقرروا يخرجوا ويستجيبوا لنوارة..

ومالت الشمس للغروب وهي بتبهل لله النجاة، النجاة لعباده الضعفاء، ومن فوق الجامع كان واقف الشيخ مجدي مستند على عصاية مكتوب عليها آيات قرآنية، وواقف بيبص تجاه المقابر..

ومع حلول الظلام بص الشيخ للسما وقال

"اللهم مالك الملك والعزة والأرض، انصر من نصرك واخذل الشيطان وحزبه، فلا ملجأ لنا سواك"

وبدأت السكينة تغزو قلب الشيخ اللي فوجئ باهتزاز رهيب للأرض، دقايق وبدأت أصوات الجحيم تشق سكون الليل..

ونزل الشيخ يقف قدام المسجد، وفوجئ بشيء بشع مكنش يتوقع انه يحصل، عشرات البيوت خرج منها الناس عرايا كيوم الحشر، والكل واقف في خضوع واستسلام مستني نوارة وموكب الأموات..

وفي اللحظة دي بس فهم الشيخ، فهم بعد فوات الأوان وبعد خروج ال..

اللي خرج مكانوش الأموات المرة دي، دي كانت الأطياف الجهنمية، كانت خارجة تحتل اجسام الأحياء، هو كان متوقع ان فيه شياطين تانية، بس نوارة لعبتها صح، اجسام الاموات مبقتش مناسبة، والأفضل تاخد اجسام الأحياء وتخليهم يحرقوا بعض كمان..

وخرج موكب الاطياف ومن قدامهم نوارة اللي اتحولت لكيان مخيف، وكأنها شيطانة ازلية..

وهنا بدأ الشيخ يضرب بعصايته الأرض وينادي بصوت جهوري

"أيتها الأرض اخضعي لأمر الله، وكوني لنا طوعا بقوة الله، واستقيمي يرحمك الله، واستكيني لعباد الله"

وهنا وبدون مقدمات هجمت الاطياف على البشر العراة، وبدأ الشيخ يتلو بكل ما يملك

"ما جئتم به السحر إن الله سيبطله"

وثارت من حوله عاصفة رهيبة ارتجت ليها البيوت، بس ده ممنعوش انه يكرر الآية عشرات وعشرات المرات..

بل ورفع عصاه وبدأ يقسم على الأرض بقوة الله أن تستكين، وثارت العاصفة اكتر وتمكنت الأطياف من اجسام الناس، الناس اللي قرروا يبيعوا نفسهم للشيطان..

وبدأت حرب رهيبة بين العرايا بعد ما اشتعلت عينيهم بلهيب جهنمي، الكل بيضرب في الكل بأي حاجة بيلاقيها، والعاصفة بتشتد اكتر واكتر..

نوارة بتراقب المشهد وهي مبتسمة ابتسامة شيطانية، بتفتكر نفس المشهد ده واللي حصل من سنين، بس يومها ابوها وامها ماتوا، انهاردة الكل بيدفع الثمن..

بس الشيخ مجدي بدأ يضرب الأرض بعصاه بكل قوة وهو يقسم بقوة الله أن تستكين، وبالفعل هدأت العاصفة، وبدأت الاجساد العارية تترنح وتقع على الأرض..

وارتفع من تاني صوت الشيخ وهو بيردد

"ما جئتم به السحر إن الله سيبطله"

وبدأت الاجساد تزوم وتصرخ بألم شديد، والشيخ مستمر وهو بيقرب بعصاه من الاجسام العارية وبدأ يضربهم بقوة وهي بيردد

"أقسمت برب الجلال والملكوت، ان ترجعوا الى موطنكم وإلا هلكتم بقوة الله، وبنار الله، وبكلام اللللللله"

ورجع يردد من تاني

"ما جئتم به السحر إن الله سيبطله"

وهنا صرخت نوارة وهجمت عليه، خاصة لما كانت الاطياف بتصرخ مع كل ضربة وتخرج من الجسد وتنزل لتحت الأرض..

بل وبدأ صوت صهيل خيول يتسمع في كل مكان، وادرك الشيخ ان ربنا سخر جنوده عشان يساعدوه..

ولأول مرة تحس نوارة ان الخسارة من نصيبها، وهجمت زي اللبؤة الشرسة على الشيخ، الشيخ اللي فوجئ بهجومها فاستقبلها بعصايته بكل قوة، ومن مكان الضربة بدأت نار تمسك في جسمها وتنطفئ من تاني، وفي كل مكان لسة العرايا بيضربوا بعض..

وادرك الشيخ، ادرك سبب قوة السحر، السحر اللي كلمات الله بتعاني عشان تتغلب عليه..

الأرض دي وقع عليها ظلم عظيم، ظلم اتسبب في موت ابرياء، والارض اتلعنت بالظلم، والسحر اتمكن منها حتى النخاع..

وبدأ الشيخ ينادي على الناس اللي على السطوح واللي رفضوا يخرجوا عرايا

"اذكروا الله، اذكروا الله"

وهجمت من جديد نوارة على الشيخ وضربته بحجر كبير على راسه، كانت بتهجم زي الغولة المفترسة، ونزل الدم من على راس الشيخ وهو بيردد

"إن الله لا يصلح عمل المفسدين"

ومن كل مكان في القرية كان الكل بيردد

يارب

واصاب الاجسام العارية شلل تام، ووقعت على الأرض

يارب

وهجمت نوارة من تاني وهي بتزوم على الشيخ، الشيخ اللي مسك شوية تراب وحدفهم جوة عنيها، وصرخت ورجعت في خوف، خاصة لما الشيخ وبكل قوته ضرب صدرها بعصاه فاشتعلت فيها النار من تاني وانطفأت

يارب

وارتجت الارض وبدأت تطلع مية ودم من جوفها

يارب

ومن كل مكان بدأت الاطياف تخرج من تحت الأرض ومن الناس وتنزل تاني جوة الأرض، وتلف في دواير وهما بيخرج منهم أصوات رهيبة..

وفي اللحظة دي اشتغل صوت القرآن من المسجد، وزاد الشيخ في تكرار نفس الآية

"ما جئتم به السحر إن الله سيبطله"

وفي لحظة هجمت نوارة وهي ماسكة في ايدها سكين، ودفعها الشيخ بعصايته بقوة عشان تسقط على الأرض بطريقة غريبة وكأن فيه شيء لف ايديها تحت منها عشان السكين يخترق قلبها حتى النخاع..

وشهقت نوارة شهقة عنيفة، شهقة خلت الاجسام العارية تمسك فيها النار بلا استثناء، وارتفعت صرخات من الجحيم، اجساد بتجري وهي بتحترق واطياف بتثور هنا وهناك، وزي ما كل ده بدأ انتهى، سقطت الجثث متفحمة، وهدأت حركة الاطياف واختفت تحت الأرض..

الارض اللي غرقت بمياه غريبة خرجت منها..

................

كل اللي تبقى من بلد بأكملها هما عشرين عائلة، عشرين عائلة جمعوا كل الجثث ودفنوها وقعدوا يبكوا على الأطلال، اطلال بلد اصبحت خراب..

وكل اللي قالوا الشيخ

انتوا ظلمتوا، وقتلتوا ناس ماتت ظلم في مشاكلكم اللي مبتخلصش، واصعب الامور عند الله هي الظلم، الظلم اللي ربنا بيعاقب فيه العبد في الدنيا قبل الأخرة..

والظلم خلى نوارة تتسلط عليكم، خلى ارضكم ملعونة شربت السحر بسرعة، خلى الشياطين تتملك منكم خاصة لما ظلمتوا اكتر وخرجت ناس منكم عريانة كيوم ولادتها، ألا والظلم، ألا والظلم

سيبوا البلد تلت شهور بس، خلوا الأرض ترتاح من ظلمكم وتطرد السحر والشر بعيد، وبعدها ارجعوا، تلت شهور ادعوا ربنا يرفع عنكم اثم الظلم..

وتذكروا "الظلم ظلمات يوم القيامة"

..........

تمت بحمد الله

...........