رواية كاميليا الفصل الخامس بقلم ندا سليمان
لقتني واقفة متسمرة في مكاني ببصلهم وهم واقفين مصدومين زي المجرم إللي مستني الحكم يا براءة يا إعدام، أنا واثقة إن أول نظرة قريتها في عيون بابا هي اللهفة بس فجأة اتحولت لغضب وقال :
_ دي بتعمل إيه في بيتي؟!
معتز حاول يشرح بس سكّته :
_ وإنتوا ليكوا حساب تاني بعدين ، أنا كلمتي ما تتكسرش، اتفضلي ارجعي من مطرح ما جيتِ
مادنيش فرصة أنطق ، نطق الحكم وسابنا ومشي ، ماما كانت واقفة مترددة بتبص عليا وعلى أثر بابا وهو بيختفي من المكان وفي النهاية الأمومة إللي غلبت فتحت إيديها فجريت على حضنها، فضلت ضمّاني بلهفة ، بكيت فمسحت دموعي وقالت :
_ ماتزعليش من بابا جرحك ليه كان أكبر من إنه يتحمله، اديله وقت وهيهدا إن شاء الله ويسامح
بصت لمعتز وقالت :
_ خد مفتاح شقة المعادي ووديها تقعد هناك لحد ما بابا يهدا وأنا هطلع أشوفه
طلعت أوضتي جهزت شنطة هدومي وهدوم أمل ، كان نفسي أوريها لبابا يمكن قلبه يحن بس ماحبتش يحس إني بضغط عليه بيها ، كانت لسه نايمة، صحيت وأنا بغيرلها وعلى غير عادة البكا كل مرة بصحيها فيها لقتها هادية وبتضحكلي كإنها بتحاول تواسيني ، ابتسمتلها وحضنتها والحقيقة إني زي كل مرة وقتها كنت أنا إللي بترمي في حضنها ، أخدت بنتي ومشيت من البيت ، معتز وصلنا للشقة ، و لإن ماما دايماً بتبعت الشغالة تنضف الشقة حتى لو مش قاعدين فيها لقيتها الحمدلله نضيفة ، معتز حط الشنط ونزل اشترالنا كل لوازم المطبخ والحاجات الناقصة من البيت ، مشي معتز بعد ما اتعشى معانا ، نيمت أمل وقعدت جنبها أفكر في الخطوة الجاية في حياتي ، بابا معذور مش زعلانة من رد فعله أنا فهماه كويس أوي ، هو مش عاوزني أرجعله مكسورة ، زي ما خرجت من البيت قوية وبختار طريقي بإرادتي عاوزني أرجع للبيت بنفس القوة مش مكسورة ومُجبرة!
وأنا قررت أثبتله إني قوية وماتكسرتش رغم كل إللي مريت بيه ، جبت ورقة وقلم وكتبت قايمة بكل الحاجات إللي
محتاجة اتعلمها بعد ما كنت منعزلة عن العالم الفترة إللي فاتت كلها ، وبالفعل بدأت في نفس الليلة أدور ع النت على أماكن لكل كورس قررت أتعلمه وأولهم إني اشتركت في كورس إعادة تأهيل نفسي وكمان كورس في تربية الأطفال عشان أعرف أربي أمل صح وأحميها من الأخطاء إللي وقعت فيها ، وكورس في مجال دراستي عشان هدفي الأساسي من دخول إعلام هو تحقيق حلمي إللي اتخليت عنه وهو إني أبقى مذيعة راديو ، حجزت في الكورسات دي أون لاين عشان العدة وعشان أمل مش هكون متطمنة أسيبها مع أي حد ، استغليت فترة العدة في قراية الكتب وحضور الكورسات أون لاين ، ماما كانت بتيجي تقعد معايا ، واخواتي بيمروا عليا من وقت للتاني ، اتعلقوا بأمل جداً وخصوصاً ماما ، اليوم إللي ماتقدرش تزورنا فيه لازم تكلمني فيديو عشان تشوفها ، كنت بتطمن على بابا وعلى صحته من ماما ، وبفرح أوي لما ماما تقولي من وراه إنه بيسأل عني دايماً وبيتفرج على كل صور أمل إللي ببعتهالها ، ده غير إن الفلوس إللي ماما بتديهالي منه بس بينبه عليها ماتعرّفنيش ، عرفت كمان منها إنه مبسوط بشخصيتي الجديدة بس لسه زعلان مني ومش قادر يصفالي ، وأنا عذراه وهديله وقته عشان يقدر ينسى إللي عملته فيه..