جديد

رواية وله في ظلامها حياة الجزء االعاشر 10 بقلم دينا احمد

 رواية وله في ظلامها حياة الجزء  االعاشر 10  بقلم دينا احمد





الفصل العاشر

(خائنة)


جلس هو على الكرسي واضعاً قدماً فوق الأخري في تعالى ليقول بابتسامة تعلو ثغره:

عايزة تعرفي عقابك يا نوري؟!


لتجيبه وهي على وشك البكاء:

- مراد أنت عايز مني ايه؟!.


خلع سترته ليلقيها على الأرض بإهمال ثم أراح جسده على كرسيه بمنتهي البرود و أراح ربطة عنقه وهو لا يزال يرمقها بجمود لتشهق واضعة يدها على وجهها ليصيح آمراً إياها:

- قربي.


ازدردت في خوف ولكنها أظهرت عكس ذلك لتتجه نحو الباب وحاولت فتحه ولكن فشلت فوجدته يمسك المفتاح و يبتسم لها بخبث.

- أعتذري.

صاح آمراً إياها بحدة مرة ثانية لتقول بتعثلم:

- آ آسفة !

ابتسم نصف ابتسامة لم تلامس عيناه ليقول بتهكم:

- أنا اللي آسف ... اعتذارك ده ميعملش حاجة أنا قررت أنك تتعاقبي يبقي خلاص.


نظرت له بتوجس ليهب واقفاً وهو يتجه نحوها بخطوات باردة واضعاً يده في جيبه بينما ظلت هي تتراجع إلى الخلف حتي أرتطمت بالجدار أقترب منها حتي أصبحت المسافة بينهم عدة انشات ليضع يده اليمني علي الحائط وكذلك اليسري لتصبح هي محاوطة بين ذراعيه نظرت إلى فرق الطول بينهم بالرغم من أنها تعتبر من النساء طويلات القامة ولكنها أمامه الآن تبدو كالطفلة قاطع هذا الصمت قائلاً بهدوء وهو ينظر إلى زرقاوتاها بتوهان:

- أولاً بتعلي صوتك عليا، ثانياً بتعصي أوامري، ثالثاً طلعتي من البيت ومقولتيش ليا كأني كيس جوافة، رابعاً لبسك اللي عايز الحرق، خامساً بتمدي أيدك عليا ... قوليلي اعمل فيكي ايه؟.


أغمضت عيناها بخوف تعتصر قبضة يده حتي لا تصفعه مرة ثانية بسبب تحكمه اللاذع بها وكأنها دمية ليأتيها سؤاله المتهجم:

- لو حد اتحرش بيكي هتعملي معاه ايه؟.


اتسعت عيناها بصدمة من سؤاله الجرئ ليقول بتحذير:

- مش هكرر سؤالي تاني ... يلا جاوبي.


ظلت ترفرف بعينها عدة مرات لتهتف بإنفعال:

- أنت قليل الأدب و انسان منحرف وبجد مستفز ... إزاي تسألني السؤال ده.


رفعت يدها لكي تصفعه ولكنه كان أسرع ليمسك يدها يعتصرها بين قبضته قائلاً وهو يضغط على أسنانه:

- أنتي لو فكرتي تعملى الحركة دي تاني هقطعلك ايدك ... جاووبي.


صرخ بها في آخر جملته لتقول بتعثلم وهي تنظر ارضاً:

- يعني هصوت والم عليه الناس.


ضرب بقبضة يده الحائط بغضب ليقول:

- غبية ! انتي شايفة انك كدا هتقدري تنقذي ؟!.


ثم أكمل بصرامة:

- اضربيني يا نوري.


أهذا مختل أم ماذا؟! بالتأكيد جن جنونه! ثواني وكان يحذرها والآن يآمرها لتقول بضعف:

- ابعد يا مراد أرجوك.


هز رأسه بالأنكار لترفع يدها باستسلام كي تصفعه ليعاود الكرة مرة ثانية وأمسكها من معصمها


ابتسم بسخرية قائلاً:

- برضوا غبية ... طب ما هو ممكن يعمل فيكي زي مانا هعمل فيكي و ياخد اللي هو عايزه.


دفعها بعيداً لتسقط على الأريكة ثم اعتلاها وهو يكبل ذراعيها بقبضته القوية حتي صرخت به بغضب:

- أبعد يا حيوان انت فعلاً مش محترم.


نهض عنها وهو ينظر لها بإنتصار لتلكمه في صدره عدة مرات ولكن دون استجابة منه إنما يبتسم على تصرفات تلك البلهاء ليقول ببرود:

- خلصتي ... مفيش خروج من هنا ألا لما تعملى 50 ضغط.


اتسعت عيناها وهي تنظر إليه بعدم تصديق لتقول بحدة:

- أنت اكيد اتجننت انا هخرج من هنا حالاً ... خلصني وهات المفتاح.


جلس على الكرسي وهو يتحدث ببرود:

- أنزلى على الأرض ولو وقفتي عد هتعيدي من جديد تاني.


تلك الجملة كانت إشارة لها للأنفجار بالبكاء المرير عندما شعرت بالإهانة من طريقته تلك و خوفاً على طفلها فهي قد تأخرت للغاية بينما هو ابتلع غصة مريرة في حلقه عندما رآها تنتحب بهذه الطريقة، تناسي ماذا كان يريد أن يفعل تناسي اين هو و لماذا جاء أزال قنـاع البرود ليحل محله الخوف و الغضب من نفسه و منها و الندم على تلك الدموع التي تعصف بداخله دون هوادة.. سحبته قدمه ليتوجه نحوها بلهفة و حزن بآن واحد ليجذبها نحوه حتي استقر رأسها عند صدره بينما تعالت شهقاتها وسالت الدموع من زرقاوتاها لتبلل قميصه، ظل يربت على خصلاتها البُنية بحنو ليقول بنبرة هادئة:

- هششش متعيطيش انا آسف.


- أنت هتضربني زي حازم! انا آسفة مش هعمل كدا تاني.

قالتها بنبرة مختنقة وهي تدفن رأسها في عنقه و أزدادت تشبث في قميصه ليوصد عيناه بحزن ... يبدو أنه ذكرها بما فعله حازم معها لعن نفسه بداخله على حالتها تلك و بعد عناق دام لدقائق طويلة هدأت قليلاً ليجفف دموعها بأنامله قائلاً بمرح:

- لا بس أنتي طلعتي نكدية آخر حاجة فين أيامك يا نورا.


أبتسمت ابتسامة صغيرة ليقبل جبينها ثم أخرج هاتفه من سترته ليجري اتصال:

- ها وصلت لأيه؟


=....... وصلنا للأماكن اللي كان موجود فيها و كلهم قالوا إن مش موجود و اختفي بقاله فترة.


مراد بحدة:

- يعني ايه موجود لوحده انا متأكد أن وراه حد ... بقولك ايه قدامك أربعة و عشرين ساعة تعرف مين الحيوان ده والا اعتبر نفسك مرفوض.


=.......بجدية: حاضر يا مراد بيه في هجبلك اللي عمل كدا في أسرع وقت.


مراد بتهكم:

- شغل مخك أنت و الرجالة وأول ما تمسكوه خدوه المخزن يتروق لحد ما اجي ... سلام.


أغلق الهاتف وهو يزفر في ضيق بينما كانت تنظر له بأعين متسعة لتسأل قائلة:

- هو أنت كنت بتتكلم مع مين و بتتفق معاه على ايه؟!.


ليجيبها ببرود وهو يهبط من الدرج متوجهاً للأسفل:

- هتعرفي كل حاجة في وقتها.


توجه بها نحو السيارة التي كان تنتظرهم بالسائق ليجلسها في المقعد الخلفي و جلس جانبها وتحولت ملامح وجهه إلى الضيق ولكن صبراً فهو عندما يجده سوف يجعله يدفع الثمن وهو مطأطأ الرأس لم يُخلق الذي يريد إلحاق الأذى بعائلته..

أفاق من شروده عندما وجدها نائمة و رأسها على كتفه ابتسم وهو يتأملها وينظر إلي انفها الذي اصتبغ أحمراراً و اثار تلك الدموع اللعينة التي لا تزال على وجهها ليقربها إليه أكثر..

.....................................................................

جلست ديما في بهو القصر تهز قدمها بغضب عاقدة ذراعيها أمام صدرها .... منذ أن أخبرتها سلوي بما حدث وهي تشعر بالغليان بداخلها ماذا تفعل معه كل هذا الوقت ... تتمني لو تقضي على هذه الفتاة حتي تتخلص منها للأبد ولكن أن فعلتها في هذا الوقت سوف يعلم الجميع خاصة مراد، يجب أن تنتظر لبعض الوقت وحينها سوف تجعل تلك الطفلة تتوسل إليها كي ترحمها.


وفي نفس الوقت صف السائق السيارة أمام باب القصر فنظر مراد إلى تلك التي تغط في نوم عميق تحتضن ذراعه بقوة همس بصوت خافت بجانب أذنها:

- نوري.


تململت وهي تزيد من التمسك بذراعه ليبتسم هو بحنو:

- نوري ... اصحي احنا وصلنا.


ربت على وجهها بخفة لتفتح نصف عيناها وهي تقول بعناس:

- سيبني لو سمحت.


خرج من السيارة ليتوجه نحوها ثم حملها بين ذراعاه لتفتح عيناها ببطيء وذراعها تتوق عنقه سرعان ما اتسعت عيناها بصدمة لتقول بذعر:

- اوعي كدا سيبني ... يالهوي الحقوني!.


قهقه بسخرية وهو يشد على خصرها:

- هما مين اللي يلحقوكي انا مش شايف حاجة.


همت نورا بالاعتراض ليصدح صوت ديما الغاضبة بشدة وهي تنظر إليهم لتقول بين أسنانها:

- جرا ايه يا مراد أنت ازاي تشيل البتاعة دي كدا أفرض حد شافك وبعدين بتعملوا ايه كل ده برا.


نظر لها مراد بقسوة قائلاً بهدوء:

- قدامي على فوق يا هانم.


ابتلعت ريقها بخوف من نظرته تلك ليستمر في الصعود إلى الأعلى غير مكترث لتلك التي تغرس أظافرها في عنقه حتي يتركها ليقول لها بنفاذ صبر:

- بت انتي أبعدي ايدك عشان مخليش يومك أسود.


زمت شفتاها بامتعاض فذلك الأبله لا يؤثر به شيئاً ليجلسها على السرير ثم دثرها بالغطاء جيداً وذهب إلى غرفته يفتح بابها بقوة لتنتفض ديما من مكانها اقترب منها وهو ينظر إليها بمكر ليقول بهدوء وهو يقبض على رسغها بقسوة:

- صوتك ميعلاش عليا تاني يا بنت كامل والا متلوميش غير نفسك و شيلي نورا من دماغك عشان أنا اللي هقفلك وساعتها مفيش حد هيقدر ينقذك من تحت أيدي ... فاهمة.


أومأت له برأسها حتي تتخلص من بركان غضبه لتلعن نورا في داخلها فهي السبب الرئيسي لكل شيء يحدث معها وإذا تزوجت مراد فسوف تستولي على جميع أمواله هي و أبنها ... ابتسمت ابتسامه شيطانية عازمة على أن تُخرج هذه الفتاة من حياته للأبد.

....................................................................

في مكان آخر..


أنتفض ذلك الرجل من جلسته بعنف وهو يوجه حديثه إلى مصطفي بحدة:

- بقولك ايه شغل الهبل بتاعك ده تنساه خالص طالما أنا قررت أخلص منها يبقي قراري زي السيف يمشي على أي حد ... اسمع يا زفت أنت ! واضح أن البت دي لحست عقلك خالص..ثم أكمل بصرامة وهو يشير إليه بسبابته بتحذير:

- خرجها من دماغك عشان مش تبقي أنت الضحية قبلها.


قطب مصطفي حاجباه باستنكار:

- هو أنت مش خدت حقك من الزفت اللي اسمه حازم عايز منها ايه بقي؟.


ليأتي من خلفه رجل آخر يلتهم سيجارته وهو ينظر له شرزا يهتف بحدة:

- روح يا حيلتها استخبي في حتة مراد لو عتر فيك مش هيسيبك ألا لما تدخل قبرك ... بقا حتي عيل زيك يقف في وشنا.


هز مصطفي رأسه بعدم تصديق لهذه الدرجة وصل به الحقد و الغل تجاه عائلته!

توجه مصطفي للخارج بينما جلس ذلك الرجل مقابلاً له وهو لا يزال يلتهم سيجارته ليقول بمكر:

- الواد اللي أسمه مصطفي خطر علينا ومراد لو مسكه ممكن يعترف علينا انا اللي عرفته أنه بيدور عليه ... لازم نخلص عليه في أسرع وقت.


أومأ له الرجل الآخر وهو يصك أسنانه بغيظ:

- امتي بقا اخلص من الزفت الكبير اللي اسمه مراد ده ... طول ما هو عايش مبسوط مش هقدر ارتاح.


أجابه الآخر وقد لمعت عيناه بالشر:

- قريب اوي هانت خلاص.

....................................................................

كانت مستغرقة في النوم بسبات عميق لتنكمش ملامحها فجأة عند وجدت نفسها تضع رأسها بين ساقيها وترتجف برعب من هذا الظلام الحالك ليأتيها صوت حازم الذي أصبحت تبغضه هامساً خلف أذنها بفحيح الأفعي:

- قولتلك يا حبيبتي حتي لما اموت هتموتي معايا.


ثم هتف بوعيد:

- مش هسيبك عايشة يا نورا صدقيني هفضل وراكي حتي في أسوء كوابيسك.


أنتفضت هي بذعر وأخذ جسدها بالأرتجاف أكثر عندما اختفي صوت حازم لتصرخ بأستنجاد:

- ساعدوني أنا خايفة !.


ثواني وظهرت إنارة خافتة دليل على فتح باب الغرفة التي كانت محتجزة بها استمعت إلى صوت دعسات أقدام تتوجه نحوها أصوات حذائهم التي تقترب منها كسرت هدوء هذا المكان المُظلم الهادئ حتي كاد قلبها يقفز من صدرها من شدة الرعب و الهلع ولكنها لم تتعرف على هويتهم وجوههم مخفية بسبب الظلام الذي يخيم المكان لتقول بصوت مرتجف:

- انتوا عايزين مني إيه؟!.


تعالت ضحكاتهم في سخرية من تلك البلهاء لتستمع إلى صوت يبدو مألوفاً لها يقول بتشفي:

- عايزين نخلص منك يا نورا.


صدمة الجمت لسانها يريدون قتلها ! ماذا فعلت لهم؟! ومن هم؟

ازدردت ريقها في رعب لتجد من يقبض على خصلات شعرها بقسوة حتي كاد أن يقتلعه بين يداه يسحبها هو و شريكه بعنف ليلقيها على الأرض ثم تفاجأت به يكبل ذراعيها وفي ثوانٍ ألقاها في حفرة عميقة لتقول بضعف و دموعها تنساب على وجهها:

- حرام عليكوا بتعملوا فيا كدا ليه؟ انا معملتش حاجة.


وجدتهم يضعوا التراب فوقها بسرعة كبيرة لتشعر بأنسحاب أنفاسها الأخيرة..

- مراد...

كانت هذه آخر كلمات خرجت من فاهها لتشعر بعدها بغمامة سوداء حتي أغمضت عيناها مستسلمة ... ما هذا النور؟! لماذا تشعر وكأن هناك من يسحبها ويبعد عنها هذا التراب ... هل أنتهت حياتها بهذه الطريقة الشنيعة؟! فتحت عيناها ببطئ لتجده أمامها ... نعم هو ينظر لها بخوف يربت على وجهها محاولاً افاقتها ليقول بلهفة:

- نوري انا معاكي متخافيش محدش يقدر يأذيكي...


استيقظت بفزع وهي تضع يدها على موضع قلبها محاولة تهدئة قلبها الذي تجزم أنه سوف يخرج من مكانه من شدة الذُعر جبينها يتصبب عرقاً توجهت نحو الحمام بخطوات بطيئة خائفة حتي دخلت فتحت صنبور المياة لتنسدل المياه الباردة فوق رأسها تختلط مع دموعها.

....................................................................

في اليوم الثاني...


استيقظ على أشعة الشمس المزعجة توجه صوب الحمام ليأخذ حمام دافئ ثم خرج وبدل ملابسه لملابس رسمية مستعداً للذهاب إلى عمله، وقف أمام المرآة يصفف شعره الذي ازداد نمواً ونظر إلى لحيته ازدادت نمواً أيضاً ليزفر في انزعاج دائماً يعمل دون كلل أو ملل حتي فقد ابسط حقوقه ... تنفس بعمق ثم توجه نحو الباب ليفتحه فأسرعت ديما لتقف أمامه تتطلع إليه مصتنعة الندم:

- أنا آسفة يا حبيبي صدقني انا بحب نورا زي اختي بس انا بغير عليك اكتر من نفسي.


أومأ لها ثم تحدث بإقتضاب:

- اتفضلي ابعدي عن الباب عايز أخرج.


أبتسمت بإحراج لترد سريعاً:

- طب قول أنك مسامحني وانا أبعد.


تنهد بنفاذ صبر ليقول بابتسامة لم تلامس عيناه:

- مسامحك.


أبتعدت عن الباب لتسمح له بالخروج ثم التقطت هاتفها تتصل بحذر ليجيبها الطرف الثاني:

= حبيبة قلبي هتيجي امتا وحشتيني اوي.


أطلقت ضحكة عالية قائلة بعُهر:

- يا بكاش هو انا مكنتش معاك من يومين وبعدين بنشوف بعض كل يوم.


ليتنهد بحرارة:

= أعمل إيه يا روحي دايماً على بالي ... بس مش قولتيلي عرفتي حاجة عن ورق الصفقة الجديدة.


ارتبكت هي لتقول بتوتر:

- انا و مراد اتخانقنا امبارح بسبب البت زفتة و معرفتش أسأله عن أي حاجة بس انا شوية وهروح وراه الشركة.


لعن ديما داخل نفسه بسبب تصرفاتها الغبية ليقول بحدة:

- ديما اقعدي انتي انا هعرف اجيب اللي أنا عايزه وياريت تكبري مخك شوية وبلاش شغل العيال بتاعك ده ... سلام.


أغلق الهاتف في وجهها فضربت الأرض بقدمها بغضب ثم توجهت إلى الأسفل..


في غرفة أسما و على...


فتحت أسما باب الغرفة وهي ترمق على بضيق قائلة:

- الفطار جهز اتفضل أنزل تحت.


رفع على حاجبه بسخرية قائلاً:

- قالبة وشك ليه يا هانم؟.


وكأن سؤاله كان إشارة لتنفجر في وجهه:

- إيه مش عجباك دلوقتي؟ اسمع بقا يا علي انا خلاص جبت أخري معاك ... مبتجيش البيت طول اليوم ولا بنشوف وشك هما خمس دقايق بتفطر فيهم و تمشي وتيجي تنام طول الليل أنت مش ملاحظ أن أولادك بيسألوا عليك كل شوية؟!.


ابتسم لها ابتسامة مصتنعة و اقترب يقبل جبينها قائلاً:

- صدقيني انا مشغول دايماً في الشركة عشان ابني مستقبلنا و مستقبل أولادنا بعيد عن مراد وانتي المفروض تساعديني.


قوست شفتاها بتهكم لتذهب من الغرفة غاضبة صافعة الباب خلفها...


بعد مرور ساعتين...

في شركة النجدي

صفع مراد المكتب بيده بقوة وهو يصيح بغضب:

- ازاي ورق الصفقة يختفي كدا؟.


سامر محاولاً تهدئته:

- اهدي يا مراد الموضوع مش مستاهل و بعدين أن راجعت الصفقة و اكتشفت انها هتكون خسارة لينا في كل الأحوال وبعدين حاطين شروط جزائية كتير و عايزين نسلمهم في اقل من اسبوعين.


أراح ربطة عنقه وهو يقول بشرود:

- في كلب معانا هنا هو اللي بيلعب من ورانا بس على مين همسكه و ساعتها مش هرحمه.


نظر له خالد و سامر باستغراب ليرن هاتفه فأجاب قائلاً:

- عملتوا ايه؟.

= حضرتك عرفنا أسمه و مكان سكن أمه وأخواته وسألنا عنه قالوا إنه مسافر برا البلد.

مراد بنفاذ صبر:

- اسمه إيه الزفت ده؟.


= أسمه مصطفي عبد العزيز انا بعتت ملف ليك في الشركة عنه و احنا خلاص قربنا نوصله.


مراد بحدة:

- مفيش حاجة اسمها قربنا نوصله انا عايزك المرة الجاية تتصل و تقول إنه معاك والا اكلم حد تاني يعرف يجيبه.


= حاضر يا باشا.

اغلق الهاتف وهو يزمجر بغضب قائلاً لهم:

- اتفضلوا شوفوا شغلكم.

توجه كلاً من خالد و سامر إلى الخارج ليحدث نفسه قائلاً:

- حق اخويا اللي حياته اتدمرت و قتلتوه هيرجع.

....................................................................

وفي الليل..


لم يُغمض لها جفن منذ استيقاظها على هذا الكابوس المزعج تشعر بالذعُر يدب أوصالها، احتضنت طفلها بين يداها وهي تبكي بخوف استمعت إلى صوت طرقات على الباب لتجفف دموعها سريعاً ثم سمحت بالدخول لتدلف إليها فاتن وهي تنظر لها بحزن و شفقة وتمسك بيدها الطعام ... نظرت لها نورا بنظرة تائهة تريد أن تحتضنها و تبكي إلي أن تكتفي و يخرج من قلبها هذا الألم لتقترب منها فاتن تنظر لها بقلق بينما نظرت لها نورا بضياع لترتمي في حضنها متشبثة بها بقوة:

- مالك يا حبيبتي جرالك ايه يا بنت بطني؟.


ظلت تبكي وهي تعتصر والدتها بقوة بينما تمسد فاتن على ظهرها بحنو حتي هدأت قليلاً لتسحبها إلى السرير قائلة بلهفة:

- اهدي يا حبيبتي انا قلبي بيتقطع وانا شايفاكي بالحالة دي منه لله اللي كان السبب.


نورا بصوت مختنق:

- شفت كابوس.


تحدثت فاتن بقلق:

- كابوس ايه يا حبيبتي؟!.


بدأت نورا بسرد كل ما حدث في هذا الحلم الغريب لينقبض قلبها ولكنها أظهرت عكس ذلك قائلة بابتسامة:

- متخافيش يا حبيبتي دا مجرد حلم عادي

ثم أضافت بأسي:

- بس انا هاخد على خاطري منك لو مأكلتيش ... شايفة وشك عامل ازاي من قلة الأكل يلا يا حبيبتي.


أكلت رغماً عنها بسبب إصرار والدتها وبعد أن انتهت قبلتها فاتن من وجنتها قائلة:

- هنزل احط الأكل تحت واجيب عمر واجي اقعد معاكي يا روحي.


ابتسمت لها نورا ابتسامة صغيرة وهي تقول:

- لا انا هاجي اقعد معاكي تحت.


أومأت لها فاتن وهي تبادلها الابتسامة حتي خرجت من الغرفة لتتنهد نورا ثم توجهت نحو الدولاب تُخرج منه ملابس أخرى حتي تفاجأت بمن يدلف من شباك غرفتها يمشي ببطئ متوجه نحوها!

وضعت يدها على فمها كاتمة صوت شهقاتها وهي تنظر إليه بصدمة..

ثم تحدثت بصوت يملؤه الخوف:

- ايه اللي جابك هنا يا مصطفي؟.


أجابها مصطفي وهو يقترب منها على حذر:

- اهدي ارجوك و سيبيني اشرحلك.


نظرت له بعين متسعة:

- تشرح ايه يا حيوان وأنت داخل اوضتي بالطريقة دي ... انا هصوت واحلى كل اللي في القصر يكسروك.


وضع يده على فمها سريعاً حتي لا تصرخ ليقول....

...................................................................

وفي نفس الوقت..

صف مراد سيارته مثلما يفعل كل يوم ليتوجه إلى داخل القصر و ارتسم على ملامح وجهه البرود و الجمود واضعاً يده في جيبه ألقي التحية على والده و عمه ثم صعد إلى الأعلى مقرراً الذهاب إلي نورا والتحدث معها .... وقف أمام باب غرفتها و كاد أن يطرق الباب ليستمع إلى صوت رجل في غرفتها يقول:

- نورا انا بحبك من زمان اوي انا ايوا كنت صاحب حازم بس صدقيني انا جاي عشان اساعدك و اقولك أنك هنا في خطر انتي لازم تهربي من هنا في أسرع وقت وانا هساعدك ... وانسي موضوع جوازك من مراد ده نهائي.


هزت رأسها بعنف وهي تبعده عنها قائلة:

- ابعد عني يا مصطفي احسنلك انا مش جبت سيرتك لـ مراد وقولتله أنك سبب كل اللي حصل عشان خاطري أخرج من هنا.


هز رأسه بيأس قائلاً:

- انا همشي دلوقتي بس لازم اعرف جاوبك في أسرع وقت.


بينما في الخارج شعر مراد كأن دلو مياه سُكب عليه وهو يهز رأسه بعدم تصديق يشعر كأنه تجمد مكانه مما سمعه منذ ثوانٍ مر عليه أكثر من دقيقتين على هذا الحال ليذهب نحو غرفته بثبات يخالف تلك النيران التي تشتعل داخله ... رن هاتفه ليضغط على زر الإجابة:

= مراد بيه احنا مسكنا مصطفي وهو خارج من فوق البوابة التانية للقصر و هناخده المخزن.


اغلق المكالمة دون أن يجيبه وهو يبتلع غصة مريرة في حلقه ثم توجه نحو أحدي الادراج يُخرج منها كارد ميموري أعطاه حازم إياه ... أصبحت كلمات حازم تتردد في أذنه دون تريث

"نورا بتخوني يا مراد."


"ايوا يا مراد بتخوني، انا شفتها نايمة مع راجل تاني في سريري من تاني شهر جواز أنت متخيل! من يومها وانا حابسها في البيت و رافض أنها تطلع نهائي أحسن تهرب مع عشيقها ... طب أعمل ايه وانا شايف البنت اللي بحبها مع واحد تاني غيري؟!".


أخذ صدره يعلو و يهبط بعنف وهو يشاهد تلك الصور ! صراع بين قلبه وعقله

قلبه يقول: مستحيل أن تفعل هذا !!

وعقله يقول: أصمت أيها الأبلة الصور تبدو حقيقية للغاية.

قلبه يصرخ: بالتأكيد هي بريئة.

عقله: كيف تكون بريئة وأنت استمعت إلى حديثها مع ذلك الوغد شريكها.


أخذ يجوب في الغرفة ذهاباً وإياباً يشعر بتمزق نياط قلبه الذي يصرخ ألماً و وجعاً بسبب ما فعلته به حبيبته ! نعم حبيبته ولما لا بل و عشقه الأول لطالما كانت هي الأولي في حياته كانت محور الكون بالنسبة له دائماً كان يشعر بالمسئولية تجاهها ويعاملها كأبنته ليتحول ذلك الشعور إلى عشق من نوع آخر ولكن ما كان يذكره بخطئ مشاعره نحوها هو صغر سنها وفرق العمر بينهم لذا قرر أن يعطي فرصة لقلبه أن يحب فتاة أخري وجد أمامه ميس تلك الفتاة الرقيقة والجميلة دائماً كان يري بها صغيرته كانوا متشابهين في الصفات و حتي طريقة كلامهم متشابهة للغاية حاول قدر المستطاع تجاهل تلك التي أسرت قلبه ليعطي نفسه فرصة ثانية لعله يستطيع إخماد حبه لها ولكن هيهات وبعد هذه السنوات العدة تحطمه بحقيقتها تلك !!


أكتسي الألم قلبه منذ ساعات كان يتمني أن تصبح ملكه إلى الأبد والآن يريد أن يقتلها بيده!

توجه إلى الخارج لتتقابل أعينهم ولكن نظرة عيناه كانت مخيفة للغاية تحمل الوعيد و الغضب و النفور بداخلها ... نادته بينما لم يلقي لها بالاً ليذهب سريعاً من المكان ..


بعض مرور بعض الوقت


وصل إلى ذلك المخزن وهو يعتصر قبضة يداه بقوة نظر إلى ذلك المُلقي أرضاً و تسيل الدماء من جميع أنحاء جسده من أثر الضرب المبرح الذي تعرض له على يد رجاله لتلمع عيناه بشر وقد تبدل عشقه لها إلى سراب ليحل محله شعور آخر...

......................................................................

اقتباس من الفصل القادم


صاحت بشراسة وهي ترمقه بنظرات مشتعلة:

- على جثتي الجوازة دي تتم.

ليقهقه هو بصخب قائلاً بابتسامة ذئب:

- اقلعي انا صبري بدأ ينفذ


صفعته بقوة عندما وجدته يقترب منها لينقض عليها يمزق فستانها بشراسة.....


نهاية الفصل



لوالرواية عجبتك وعاوز تكمل باقي الاجزاء قولنا في التعليقات عشان ننشر باقي فصول الرواية 

لروايات جديدة وممتعه وعشان توصلك اجددا الروايات تابعنا علي صفحة الفيسبوك👇
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-