روايه مرائيل الفصل الرابع 4 والاخير بقلم بيتر إيفانجل
. (4) الأخيرة
" فوق يارحيم عشان نفطر ،
أنا حضرتلك فطار إنما أيه ملوكي "
حاولت أفوق لما سمعت صوت ليل ، بس عيني كانت لسه مزغللة ومغيمة ، عافرت عشان أركز وأقوم ،وأنتفضت من مكاني لما لاقيت نفسي في أوضة نوم ..
- انا فين ؟ وإيه اللي جابني هنا ؟!
قرب مني وقعد جنبي ، وطبطب عليا بلطف وقالي :
= شكلك حلمت بكابوس ، كنت بتصرخ بصوت مخيف جداً ، قولي حلمت بأيه ؟
حاولت أعصر مخي وأتذكر اللي حصل وكنت ببص لليل بأستغراب وحيرة من غير ما أنطق ، كنت متلخبط ومشتت وجوايا ألف شعور مختلف مابين الخوف ، والأستغراب ، والإستفهام ، والتعب , وأخرهم الراحة لأني بعدت عن بيت شمشون المشعوذ
حاول يقومني من ع السرير لكن جسمي رفض يستجيب لمحاولاته .
كنت عاجز عن الكلام والحركة وفى نفس الوقت ليل كان بيقاوم عجزى وبيحاول يحركني أو يخليني أتكلم وأرد على أسئلته ، اللي كان أغلبها عن سبب حالتي ؛
بعد حوالي ١٠ دقايق بدأت أركز وأستوعبت إني بخير وفي أمان وفي بيت صاحبي الوحيد ، حركت رجليا كمحاولة مني أني أقوم من مكاني وهو ساعدني وقومني ، وطبطب على كتفي بحب ، وقالي :
"براحتك خالص لما تهدى ، أبقى احكيلي ، وانا هفضل جنبك مش هسيبك لحد ماتبقى كويس ..
كان جوايا أسئلة كتير عايز أقولها وأترددت لأني خوفت من إجابتها ، لكن الفضول غلبني فجمعت أفكاري ولملمت نفسي وبدأت أسأله ..
- أنت جبتني هنا إزاي ؟ وإيه حصل في بيت شمشون ؟
= جبتك منين وشمشون مين ؟؟!
- شمشون مين !! اللي روحناله سوا عشان يفسرلنا الكابوس !
= رحيم أهدا كده و إحكيلي إللي حصل ، أنت شكلك لسه متأثر بالكابوس اللي شوفته ..
غضبت جداً وضربت الترابيزة اللي جنبي بأيدي ووقعتها باللي فيها على الأرض .. وزعقت وقولت ..
- المفروض أنا وأنت حلمنا بكابوس واحد وروحنا نشوفله تفسير عند شمشون وفقدت الوعي هناك و صحيت لاقيت نفسي هنا
= ماهو طبيعي تكون هنا ده بيتنا ، من غير عصبية كده احكيلي كل حاجة وانا هريحك ..
بكيت بحرقة غصب عني ، كنت مخنوق وتايه ومش فاهم ولا مستوعب إللي بيحصلي
مابقتش عارف أيه اللي حقيقي وأيه إللي كابوس وأيه إللي موجود وأيه إللي مش موجود ،.
تعاطف ليل معايا وحاول يهديني ويطمني ، وأخدني في حضنه وفضل يكرر جملة واحدة
" روق وأهدى مافيش حاجه انت كويس ..
وقتها حكيتله كل إللي مر عليا
عن الكابوس ، وعن أمي وعن أبوه ،وعن شمشون وسليمان ، وعن الدم ،
حكيتله كل اللي فات لحد مافقدت الوعي لما شوفت خيال مرائيل...
سمعني للأخر لحد ماخلصت كلامي وبعدها رد وقال ..
= يعني أنت حلمت بكابوس جوه الكابوس ؟
- ما هو أنا مش عارف ولا فاهم ده كان أيه ، عشان أرد عليك ..
= طب ممكن أقولك حاجه وتسمعني كويس بهدوء أعصاب ..
- قول وياريت يكون عندك تفسير للي حصلي
= رحيم ...... مافيش امك ولا خالك ، الله يرحمهم ، وأنا ماليش أب إحنا مالناش غير بعض ياصاحبي ...
كنت مركز في كلامه لكن مش فاهم اللي بيقوله ، يعني إيه مافيش ماما ولا خالي وأن هو كمان مالوش أب ، والله يرحمهم أزاي ؟
تملكني شعور غاضب ورغبة قوية أني أقوم أضربه وأجبره يسكت ، أكيد ليل أتجنن أو عايز يجنني !!
في الأول أمي أنكرته ودلوقت هو اللي بينكر وجودها هي وخالي ، أصدق أيه ولا مين ؟ قومت من مكاني بإندفاع ومسكت أيده بعنف وقولتله ..
- أنت بتكدب يا إما اتجننت أنا أهلي موجودين وانت أبوك موجود وهتلاقيه في أوضته دلوقت تحب أوريك ..
= رحيم إسمعني , أقعد بس وهفهمك ..
- عايز تفهمني أيه ؟ ..
= من بعد موت أبوك الله يرحمه ماكنش ليك حد غير أمك وخالك فعلاً ، لكن ماتوا هما كمان في الزلزال إللي حصل من سنة ونص لأن البيت وقع عليهم ، وبعدها أجرنا الشقة الصغيرة دي، ومن وقتها وأحنا عايشين فيها سوا عشان مالناش إلا بعض ..
ماقدرتش أسيطر على أعصابي وضربته بالقلم وأتحولت لكائن مجنون شديته بقوة وقومته من مكانه عشان يقوم يلبس ونروح سوا لـ بيت أهلى عشان أكدبه لما يشوف بعينه إنهم موجودين وعايشين ..
لكن ردود أفعاله كانت هادية وماحاولش يقاومني وطلب مني أقوم أدور في الشقة على أبوه وأشوف أذا كان موجود ولا لاء ..
وفعلاً لما قومت ودورت ملاقتش حد غيرنا في الشقة ، بس برضو صممت أننا ننزل ونشوف بيت أهلي ، لأن كان المهم عندي أثبت وجودهم ..
بعد وقت بسيط كنا في الشارع فى إتجاه البيت ولما وصلت أتفجئت إنه مش موجود .. ماكنش في غير أنقاض مبنى سكني
إحساس مؤلم وحيرة وصدمة ماتتوصفش لما كنت واقف فى نفس موقع البيت لكن مش لاقيه وسألت الناس فى الشارع عن البيت ! ، وأجمعوا على حكاية واحدة أنه وقع على اللي فيه وكلهم ماتوا ..
يعني أيه ؟ يعني انا ماليش أهل ؟
طب إزاي ماعرفش أنهم ماتوا ؟ وإزاي مش فاكر أي حاجة من اللي بيتقال ؟
أنا أكيد لسه ماقومتش من الكابوس
ولما أقوم منه هلاقي نفسي في حضن أمي وهتسألني بصرخ ليه ؛ وهحكي لها عن الكابوس ده وهتهون عليا بحنية قلبها كالعادة ..
ماهو مش معقول يعني إني ماليش حد فى الدنيا ، لا أنا في كابوس بس طويل أوي مش راضى يخلص .
بقيت أضرب في نفسي عشان أصحى من النوم وأفوق لأني أكيد لسه بحلم ..
والناس أتلمت حواليا ووقفت تتفرج على المجنون
اللي بيضرب في نفسه ..
مسكني ليل وسحبني من وسطهم وحاول يحتويني، وطلب مني نتحرك من قدام البيت المنهار ، بس ماكنتش قابل كلامه ورفضت أنه يلمسني وزقيته بعنف لحد ما بعد عني ،
وصرخت بكل قوتي وقولت
" سبني في حالي أنا مش عايز حد ، أبعد عني "
ومشيت وسيبته ورايا ، بعد ما هددته بأنه مايحاولش يقرب مني عشان ماتهورش وأقتله...
مشيت من غير ماعرف هروح فين ولا لمين ..
كنت تعبان أوي ، وفي أسوء حالاتي
بقيت أقول لنفسي أنا أكيد مش مجنون ولا مريض نفسي ، الدنيا من حواليا هي اللي غلط ومافيهاش حاجة صح ، و كله بيكدب عليا ، فى مؤمرة ضدي من كل الناس، ليه بيعملوا فيا كده ، حرام تعملوا في بني أدم زيكم كده ..! حرررام ..
يوم كامل لفيته في الشوارع ، كنت بقعد على أي رصيف شوية وبرجع أكمل مشي، من غير واجهة محددة أو هدف ، ومش عارف أنا عايز إيه أو بدور على إيه ..
غالباً كنت بحاول أبعد وبس ، أبعد عن أصوات الناس وعن رؤيتهم مش عايز اشوف مخلوق ، لحد ما مسكت تليفوني عشان أتصل بأمي ،
رن تليفونها وسمعت الجرس ..
وأترد عليا من شخص غريب وقالي أن الرقم غلط ..
الرقم غلط أزاي !!
بقيت أدور في سجل الهاتف ، عن أي حد من العيلة حتى لو الفرع البعيد ، أي حد من أهلي مهما كانت صلته بيا ، عشان يقولي أني طبيعي وأهلي بخير وأن كل اللي حواليا مش حقيقي ..
ووقفت عند رقم لزميل دراسة قديم فى فترة الثانوية العامة ، وأفتكرت أنه بقى دكتور نفسي معروف ومشهور وإسمه ايهاب عبد الوهاب ..
لاقيتني لا أرادياً بتصل بيه ، وأول مارد عليا أستنجدت بيه انه يلحقني لأن بيحصلي حاجات مش فاهمها ومالهاش تفسير ..
بعد ما فكرته بيا فرح جداً بمكالمتي ووصفلي مكان عيادته وطلب مني أزوره بعد ساعتين وقالي أنه أكيد هيساعدني ..
........
(في عيادة دكتور ايهاب )
بعد ساعتين كنت في عيادة دكتور إيهاب وطلبت من الممرضه بتاعته تبلغه عن وصولي ، وإنتظرت أكتر من ساعة ، لأن كان معاه حاله ، وبعد صبر طويل دخلت لعنده ، رحب بيا وطلبلي عصير ليمون وبعد مقدمات الترحيب المعتادة بين أي أتنين ماشافوش بعض من سنين ، طلب مني أحكيله عن السبب اللي خلاني أفتكره وازوره بعد فترة أنقطاع طويلة بنا ..
حكيت كل حاجه بالتفاصيل حتى من ايام الطفولة ، وهو كان بيستمعلي بتركيز شديد بدون أي تعليق منه ، وكان بيسجل كلامي على الموبايل بتاعه من الريكوردر وطلب إنه يزورني في بيت ليل عشان عايز يسأله كام سؤال ..
وحددنا أن الميعاد يكون تاني يوم، وقبل مامشي كتبلي على إسم مهدئ للأعصاب بشكل مؤقت ، وقالي إني طبيعي وبخير ، وأني اكيد مش مجنون ، وبعدها وصلني بعربيته لحد بيت ليل ومشي ..
في بيت ليل
كنت مرهق جداً ومحتاج أرتاح بس ضميري كان بيأنبني عشان زعلته مني وعاملته بأسلوب مهين ، ماكنش هينفع أنام قبل ما أصالحه ..
البيت كان مضلم ومافيش ،ولعت الأنوار ، ودورت عليه في غرف الشقة لكن ماكنش موجود ، ولاقيت الدولاب مفتوح وهدومه مش موجوده ،
حزنت جداً لأن ليل طفش بسببس وللأسف مش بيشيل التليفون عشان أكلمه واصالحه،
كان نفسي أشرحله أن اللي حصل كان غصب عني ..
حتى صاحبي الوحيد هيبعد عني للأبد ، كان لازم يديني فرصة أفهمه، قبل ماياخد القرار ده ، حسيت بصداع شديد في راسي نازل على عيني وكنت عايز أبكي بحرقة ، جوايا وجع ومشاعر مؤلمة بتاكل في قلبي وروحي ..
إفتكرت المهدئ وخدت منه كبسولة ، لأني كنت محتاج أهرب من كل الدنيا وأنام ، ودخلت على السرير بهدومي ، بس المرة دي كنت خايف أطفي النور ..
جسمي على السرير لكن عيني بتراقب الغرفة من كل الزاويا لحد ماعيني بدأت تغمض ..
وفجأة..
سمعت صوت خبط وخطوات أقدام بتتحرك فى الصالة، وظهر خيال شخص على باب أوضتي ، سألت مين برة ؟
لكن ماحدش رد ، فسألت تاني وقولت ..
ليل انت جيت ؟
وبرضو ماكنش في رد
وبعد لحظات سمعت أصوات كتير بتهمس بصوت خفيف في وداني ، والخبط بيزيد والخيال بيقرب أكتر من نحيتي ووقف على باب أوضتي
خيال كائن مريب ، أطراف جسمي نملت، وحسيت بالشلل ، مابقتش قادر أتحرك ولا قادر أتكلم ، غمضت عيني من الخوف والهلع وحطيت أيدي على وداني عشان ماسمعش ولا أشوف اللي هيحصلي .،
لحد ماكل الأنوار أنطفت ومابقتش شايف حاجة ولا سامع حد ..
(اليوم الرابع )
بعد ٣ أيام نوم متواصل ، فوقت من النومة الطويلة دي ، وماعرفش إذا كنت نايم فعلاً ولا كنت في غيبوبة وربنا نجاني وقومني منها ..
قومت عطشان جداً وجعان أوي ومش متزن ، وكنت بسأل نفسي سؤال ياترى كل اللي حصل ده كان كابوس ؟
ولكن تداركت أني في بيت ليل زي مانا ، مسكت تليفوني وشوفت أخر رقم كلمته ، لاقيته رقم دكتور إيهاب وأخر مكالمة كانت من ٣ أيام وبدأت تجيلي رسايل أنه كان بيحاول يتصل بيا وتليفوني مغلق ، يعني إللي شوفته قبل مانام ماكنش كابوس ؟
يعني انا من غير اهل فعلاً وصاحبي الوحيد طفش بعيد عني ؟
وحسيت برهبة وخوف لما أفتكرت خيال مرائيل اللي شوفته قبل ما أنام وأصوات الهمس والخبط ..
هو مرائيل كده حقيقي وموجود ؟
مرائيل هو الكائن الثابت معايا ومستمر فى الكابوس أو في الواقع ، أعصابي كانت مضطربة جداً ولاقتني بنادي على مرائيل ..
أنت فين ؟ وعايز مني إيه ؟ أنت اللي بتعمل فيا كل ده ومصمم تحطمني ، أنا كنت قدامك ماموتنيش ليه ماخلصتنيش من العذاب ده ليه ؟ انت فييين أنطق ، أنا أهو قدامك أظهر لي لو كنت شجاع أنا مش خايف منك ؟ كلمني وقولي عايز مني إيييه؟
وفجأة سمعت صوت حاجه وقعت وأتكسرت وانا نطيت من مكاني من الخضة ، وزعقت بصوت وقولت
أنت عايز مني اييييه ؟
أنت جيت صح ؟
برضو مش خايف منك ، أنا اهوووو قدامك خلصني من العذاب ده ..
خلصت كلامي وما سمعتش أي أصوات تانيه ، بس حسيت بحركة برة في الصاله تمالكت نفسي وأتشجعت، وقررت أواجه مرائيل
أتجهت ناحية الصالة ولكن ببطئ وحذر وكنت مترقب لأي حركة مفاجئة وأستعديت نفسياً اني ماخافش .. وخرجت من أوضتي بخطوات ثابته
وأتصدمت لما أكتشفت انه كان مجرد فار وقع زهرية ورد من فوق الترابيزة ، ولما شافني جري هربان ، فار كان هيموتني من الفزع وعيشني لحظات هلع وحبكت أنه يكسر الزهرية دلوقت هو كنت انا ناقص !!!
أتصلت بالدكتور إيهاب عشان أتاكد منه اذا كنت روحتله عيادته ولا ماحصلش ، رن الجرس مرتين وأول مافتح المكالمة رد عليا بلهفة وقالي :
- أنت فينك يارحيم ؟ بتصل بيك بقالي يومين مقفول ، قلقتني عليك
= كنت نايم
- ٣ ايام نايم ؟ معقولة دي !!
= ماعرفش بس تقريباً كنت نايم ، هو انا صحيح جتلك العيادة ؟
- اه جيت طبعاً ، وحكيت معايا عن اللي بيحصلك وعن مرائيل وليل صاحبك ، ووعدتك هزورك تاني يوم لكن أنت قفلت تليفونك ..
= يعني مرائيل حقيقي ؟ وماليش أهل ؟ وصاحبي ليل طفش وسابني فعلاً ؟
- أنا هفهمك كل حاجة لما تجيلي ، روق كده وتعالالي وهريحك النهارده ..
= إزاي ؟
- لما تيجي هقولك إزاي ، مش هينفع تليفون ؛
= طب مرائيل موجود ؟ ريحني بس ..
- ليه بتقول كده ؟
= انا شوفته قبل مانام من بعد ماكنت عندك
- لا مافيش مرائيل
= انا شوفته والله وكنت صاحي قبل مانام ..
- منتظرك النهاردة الساعة ٧ بليل واوعى تقفل تليفونك وماتجيش
= لاء أكيد هاجي ، ده أنا عايز أجيلك من دلوقت لكن هستنى للميعاد ..
قفلت المكالمه مع إيهاب وركزت في صورة على الحيطه عليها أبويا وأمي وأقف قدامهم وكل حد فيهم حاطت أيده على كتف من أكتافي ، ملامح وشي بتدل أني كنت في غاية السعادة ، طفل فرحان بأن أهله حواليه ، محوطينه وعيونهم مليانة بالحب ، منتهى الأمان أنك تتحاوط باللي بتحبهم وبيحبوك ..
فاكر لما كنت فى اوائل العشرينات ، كان أبويا هو الصديق المقرب ليا ، فاكر سهراتنا سوا وحكاياتي معاه ،وأسراري اللي كنت برميها عنده وأنا مطمن أنه مش هيخون سري ، فاكر أمي اللي ياما أترميت في حضنها واللي كانت بلمسة واحدة من إيديها بتحسسني بحنان وأمان الدنيا ، كان أي زعل جوايا بيهون بسرعة وبينتهي ..
هو انا كبرت أوي كده ؟
مش مصدق أن أخري أشوفهم في صورة متعلقة على الحيط ، وإن مش هينفع يردوا عليا مهما أتكلمت ، كنت أتمني لو غيابهم هو اللي كابوس وأصحى الاقيهم جانبي ..
لكن انا ماقدرش الكوابيس
ولا قدرت أختار الواقع ،
وحشتوني اوي ..
*************
( في عيادة دكتور إيهاب عبد الوهاب ...)
روحت لإيهاب في الميعاد وأستقبلني لتاني مرة بنفس درجة الترحاب وحكيت معاه عن الأحداث إللي عشتها من بعد ما مشيت من عنده وعن ليل إللي بعد عني ومشي .. وعن ومرائيل اللي مش عايز يبعد عني ...
أبتسم إيهاب وطبطب على أيدي وقال ..
- أنا سمعت أكتر من مرة حكايتك فى التسجيل وحللت كل حاجة حصلت معاك لكن ماكنتش لاقي تفسير واضح لشخصية مرائيل أو يطلع إيه لحد مافهمت !
= فهمت إيه عرفت مين هو ؟!!
- الأول خليني أقولك التفسير بدون مصطلحات علمية احنا بنتكلم كإتنين صحاب وبس وبنحل مشكله إتفقنا ؟
= تمام إتفقنا
- أنت خسرت أهلك ورا بعض ابوك اولاً ومن بعده أمك وخالك في يوم واحد بسبب زلزال ..
= ياريته كان كابوس ..
- خليني أكمل ، ثانياً أنت مالكش صديق إسمه ليل
= يعني إيه ؟
- ليل ده هو الـ تولبا "Tulpa" أحنا اللي بنخلقه وبنخليه موجود
= أنا مش فاهم حاجه يعني إيه تولبا !!
- التولبا ده علمياً شخص بنوجده من اللا شئ ، لما كنا أطفال كنا ديماً بنكلم كائن مش موجود بنضحك معاه ونعيط معاه كائن إحنا بس اللي بنشوفه ، لكن لما بنكبر بيختفي مع الايام ، بس في أشخاص بيستمر معاها التولبا الخاص بيهم ومش بيختفي ..
= يعني مفيش ليل وده مجرد وهم ؟
- ليل موجود لكن ماحدش يقدر يكلمه أو يشوفه غيرك ، وانت بس اللي تقدر تبعده عنك زي ما عملت بدون وعي وطردته من حياتك وبعدها أختفى
كلام إيهاب كان بينزل عليا زي الصاعقة ، كنت بسمع كل كلمة بيقولها وكأنها مضاد للجزء اللي نايم جوايا فبتصحيه ..
ماتعصبتش ولا قدرت أنكر كلامه أو عارضه ،
وكنت بحاول أكتشف نفسي لأول مرة من خلاله هو وبطريقته ...
بعد تركيز شديد في كل اللي قأله قولتله ..
= لو ليل هو التولبا بتاعي، فكون أنه مستمر معايا لدلوقت معناها إني مريض ؟
- لكل واحد فينا التولبا الخاص ، والتولبا بيكون صديق خير أو صديق شر حسب ما إحنا بنكونه وبنرسمه بعقلنا ، ولو تمسكت بوجوده هيسيطر عليك كلياً مع الوقت ويحولك لمريض شيزوفرينيا
= يعني أنا كده مريض شيزوفرينيا ، ومقسوم لشخصين ؟
- مش بالظبط إحنا لسه فى اوائل المرض ، تقدر تقول في مرحلة منه ، و أنت شخص ذكي ولو أستوعبت اللي بيحصلك هتقدر تتخلص من التولبا والمرض ..
= انا اللي سميته ليل ؟
- عشان بتعشق الوحدة و الليل ومش بتحب النهار ، وحولت الليل لونيس في وحدتك
= ومرائيل ؟
- ده مش كائن بشري ولا غير بشري ولا من عالم علوي ولا سفلي ، مرائيل هو صفاتك السيئة اللي نفسك بترفضها ..
= صفاتي انا ؟
- صفاتك أتحولت لشبحك ، تقدر تقولي يعني إيه مرائيل ؟
= بحثت في جوجل وملاقتش إجابة ..
- ومش هتلافي لأنك بتبحث غلط , عايز تبحث بطريقة صحيحية، أقسم إسمه لجزئين وهتلاقي إن النتيجة بقت( مرائي) و حرف الـ(لام) في الأخر
- يعني ايه مرائي ويرمز لأيه حرف اللام ؟
= المرائي ياسيدي هو الشخص اللي بيظهر عكس اللي جواه أو بيعمل عكس حقيقته الداخليه ، أنت شايف نفسك مؤمن لكن رافض حكمة ربنا وبتصلي لكن من غير إيمان حقيقي بقضائه وأحكامه ، خايف من الوحدة لكن بتحب تعيشها ، مش راضي عن اي حاجه بتحصلك ، لكن بتظهر إنك قابلها وقانع
- وحرف اللام ؟
= يعني ليل ، أول حرف من إسم التولبا بتاعك أنت مريض يارحيم ولكن برضو أنت طبيعي،
كل الحكاية أنك أحتملت فوق طاقتك ، خسارة الأهل وماعندكش أصدقاء ، ومش متجوز ولا حتى مرتبط ببنت تحبك ..
أنا مقدر حالتك جداً ومتعاطف معاك بس انت طبيب نفسك وتقدر تغير كل ده ..
- وانا المفروض هعمل إيه وأغيره أزاي؟
= ماتكونش مرائي ولا مستسلم ، و ماتعش في ألمك بشكل مستمر ، أقبل فعلاً من جواك بقضاء الله وقدره ، ولما تصلي صلي بايمان مش عشان تظهر لنفسك أنك بتصلي ، ولما تطلبه أطلبه بثقه وهو هيجاوبك وهيعزيك وهيعوضك ويراضيك
أبعد التولبا عنك للأبد وأقتل صفاتك السيئة ووقتها هتقتل مرائيل ، وبعدين أنت المفروض مؤمن وعارف هتعمل إيه ؟ مش كده ؟
- برغم الحزن اللي جوايا ، لكن كلامك ريحني ، أنا اللي بأيدي صنعت شبحي ، وكل كلمة قولتها كانت صح ، أنا ماكنتش مؤمن وتظاهرت بالإيمان لكن نفسي ماحتملتش خداعي ليها ، بعدت عن الناس وأخترت الوحدة برغم أني مش عايزها ، فرافقني ليل فى أيامي وبقى صديقي الوحيد ، انا عارف هعمل إيه ، وأكيد هعمله ..
إنتهت جلستي مع إيهاب وودعته بعد كلمات الثناء والشكر على اللي قدمه ليا من مساعدة كبيرة هتغير حياتي بشكل كلي ، وخرجت من وجوايا قرار بالتغيير ومواجهة نفسي بنفسي ، كنت حاسس إني في غيبوبة من مدة طويلة وفوقت أخيراً ، لا يمكن هقبل تاني بوجود مرائيل ولا هيكون في تولبا ، برغم إني حزنت لما عرفت أن ليل مش موجود غير في عقلي وبس ..
كنا أصحاب من وأحنا صغيرين وعمره ما أذاني ولا قاوم إنفعالاتي وكان معايا في كل مكان مهما كان ..
لكن وجوده مابقاش ينفع ، لازم أقاوم اي حاجه تأثر على نفسيتي أو عقلي وأنهي وجوده للأبد ..
وعايز أقول لو في يوم قريتوا قصتي فتذكروا الكلمتين دول ، أوعوا تخسروا حبايبكم أو تفارقوهم ، قربوا منهم أكتر وأكتر ، وأتحدوا أي خلافات تحاول تقطع حبال الوصل بنكم ..
ماحدش عارف مين هيفضل حي ومين هيكون ذكرى ..
وأوعوا تكونوا لوحدكم ، أرفضوا الوحدة لإنها قاتلة انا مش عارف هتخلص منها أزاي حالياً ، وماعرفش مين هيكون ونيس أيامي الجاية ، لكن هحاول بكل قوتي أكون إجتماعي ومحبوب وصديق لكل الناس ..
أنا رحيم
الوحيد جدا اللي بيحاول يبدأ حياته متأخر ، بس في النهايـ ....
= يعني لو مادورتش عليك مش هتدور عليا
- ليل ؟!!!
=ماشي وراك وشايفك بتكلم نفسك ، أوعى تكون صدقت إيهاب باني مش موجود ؟
- انت التولبا اللي صنعته بإيدي ، خلاص القصة إنتهت وفهمت ..
= انا مش حقيقي إزاي !! تفتكر ليه شمشون كان شايفني أنا لكن أنت ماقدرش يشوفك ؟
- كله اللي فات ده كان وهم وخيال ولا في أهل ولا مرائيل ولا شمشون ولا حتى أنت..
= طب فكر شوية وراجع الأحداث ، مش يمكن أنت اللي ماتكونش حقيقي ......
تمـــت
سلسلة حدث في تلك الليلة
رواية (مرائيل)
تأليف | بيتر ايفانجل
لمتابعه الرواية كامله اضغط هنا 👇
(روايه مرائيل )
اكتب في بحث جوجل 👇
(مدونه الرسم بالكلمات رواية مرائيل )
وستظهر لك كامله 👇
أو تابعنا على صفحة الفيس بوك