جديد

روايه هجران رحيل الفصل الرابع 4 بقلم شامة الشعراوي

 روايه هجران رحيل الفصل الرابع 4 بقلم شامة الشعراوي 



الفصل الرابع🦋🤎

ولجت "نور" إلى غرفة صديقتها "رحيل" فوجدتها تتزين أمام المرآة وتمشط شعرها الذى تركته بسلاسة على كامل ظهرها، فكانت ترتدي ثوب أسود لا يليق إلا بها، فتبسمت "نور" قائلة:
- ماشاء الله شكلك جميل أوى يارحيل.

أجابتها الأخرى بمرح:- طول عمري ياحب.

- تباً لغرورك، وبعدين يلا خلينا ننزل لجدو نكلمه على موضوع الرحلة.

تحدثت "رحيل" وهى ترتدي الاكسسوارات بيديها:
-طب ما تروحي تقوليله أنتى.

- لا يابنتي مش هينفع أكلمه لوحدي وبعدين هو مابيرفضش ليكى طلب.

نظرت إليها وقالت:- ياسلام ياختى ماهو بردو مابيرفضش ليكي طلب ومش بيتاخر عليكي فى اى حاجة أنتى محتاجاها.

- بس أنتى تأثيرك عليه أكبر لأنك أكتر واحدة مميزة عنده.

تبسمت "رحيل" برقة ثم قالت بلطافة:
- حاضر ويلا قدامى  خلينا نخلص من زنك الرخم ده.
عبست "نور" من كلمتها فقالت : - بقى أنا زنانه.

- اه.

بعد لحظات كان الجد جالس يقرأ فى إحدى الكتب الأدبية،  فجاءت "نور" من خلفه وهى تنوى على فعل شئ مزعج كالعادة، 
فصاحت بصوت عالٍ بجانب أذن جدها قائلة:- جددوووووووو.

أستدار الجد نحوها ثم قال:
- حرام عليكى يانور دا أنا مصدقت خلصت من مازن تيجي أنتى تكملي المسيرة بعده.

رددت الاخرى بنبرة مرحة: 
-جرا اي ياجدو دا أنت قلبك طلع قلب خصايه على الآخر.

تفوه الجد بنبرة ساخرة:
-خصايه روحى ياشيخه روحى ياشيخه ربنا يسامحك أنتى ومازن ف يوم واحد.

دنت منه "رحيل"  وقالت مازحة:
- ايه ياجدو ماله مازن بس دلوقتى ده حتى الواد عسل وفى حاله.

اجابها قائلاً: -عسل بالستر ياختى.

تحدثت "نور" بابتسامة بشوشة: 
-خلاص بقا ياحجوج متزعلش بهزر وياك يارمضان.

-هو أنا أقدر اقدر ازعل منك ياجميل.

سرتُ فى نفسها فرحةٌ غامرة فقامت بضمه إليها بكل قوتها وهى تقول: 
-ايوه بقى ياجدو ياعسل دا أنت حبيبى أنت. 

تبسم تغر الجد وقال مازحاً:
- يابت براحه هتخنقيني عايزة تموتيني بدرى يابنت حنان.

ابتعدت "نور" قليلاً  ثم قالت:
-لا بعد الشر عليك من الموت ياحبيبى ربنا يطول في عمرك.

ابعدتها "رحيل" من أحضان جدها و قالت:
-ابعدي كدا وإياكِ تقربى من وهودى دا حبيبى أنا.
ثم قامت هى بضمه إليها وقالت بلطافة:
-مش صح ياجدو أنت حبيبى أنا وبس.

افترّ ثغره عن ابتسامة عريضة ثم قال بحنية بالغة:
- طبعا ياقلب جدك.

نظرت "رحيل" "لنور" وهى ترقص حاجبيها بإغاظة فقالت الأخرى بضجر:
-شوفت ياجدو حبيبة قلبك بتغظني أزاى وبعدين أنت بتحبها هى وأنا لا.
أجابتها "رحيل" بعند: -اه بيحبنى أنا وبس.

نظرت إليها "نور" بوجه  غاضب: -ياجدووو.

ضحك الجد "وهدان" على الفتاتين وهما يتصارعون على تلك المحبة، فقال مراضياً لهما : 
-تعالى يانور،  ثم أخذها بين ذراعيه كما فعل مع الاخرى وقبل رؤوسهما  وقال:
- انتو الاتنين بحبكم زى بعض ومفيش اغلى منكم عندي، وخليكم عارفين أنكم ملكات  البيت ده، والنور اللى بينوره ولو واحده منكم بس زعلت او حصل ليها أى حاجه القصر بيضلم،  وخليكم عارفين بردو أنكم أحلى وأجمل حاجه فى حياتى، دا أنا عايش عمري علشانكم.

تحدثت "رحيل" بتاثر فقالت: 
- تعرف ياجدو أني بحبك اوووي ف ربنا يديمك ليا وميحرمنيش منك ولا من حنيتك عليا.

وقالت الاخرى: - وأنا كمان ياوهودى بحبك أوي.

ضربتها "رحيل" بخفة على رأسها ثم قالت بنبرة مرحة:
-بت أنا بس اللى اقوله وهودى سامعه.

أبتعدت "نور" وهى تقول بتلعثم: 
-جدو أحنا عايزينك ف موضوع.

نظر إليها  الجد من طرف عيناه وقال:
- ما أنا قولت بردو الداخله دي فيها إن وياترى موضوع ايه اللى عيزاني فيه.

نظرت "نور" "لرحيل" بمعني تحدثى أنتي،  فقالت الأخرى بكل وضوح:
- الصراحه كدا ياجدو أصحابنا فى النادى عاملين رحلة ف كنا عايزين نروح معاهم.

-وطالعة فين الرحلة دى.

أجابت "نور" بتوتر: -دهب ياجدو.

صاح العجوز منصدماً :-  نعم دا ايه ياختي. 

أردفت "رحيل" قائلة:
- اه ياجدو دهب وكمان يعني مش هنبقى لوحدنا ماهو معانا بنات رايحين.
الجد:- و دى هتقعد قد اي يارحيل هانم.

-أسبوعين ....أسبوعين بس ياجدو.

تفوهت "نور" بنبرة ممتزجة بالعطف:
- اه والله وافق بقى وخلينا نفرح.

- ولو موافقتش هتزعلوا يعني أنتو مش واخدين بالكم أن هى أسبوعين واحنا من امتى بنخلى واحده فيكم تبات بره من أصله.

-ياجدو ياحبيبى دى مره من نفسنا واحنا بقالنا كتير مخرجناش خروجه زي دي.
 
الجد: -لا مش موافق.

هتفت "رحيل" بترجى وقد ألتمعت عيناه بالدمع المزيف: 
- علشان خاطرى ياجدو ما تحرمناش من الخروجة دي.

"نور":- بالله عليك وافق بقى.

فقالت الأخرى بإصرار مبالغ :
-يلا بقا ياوهودى وافق علشان خاطرنا.

-لا يعنى لا .

أردفت "رحيل" بنبرة حزينة مصطنعة:
- بقا كدا ياجدو امال عمال تقولنا أنتو أغلى اتنين عندي وأنك بتحبنا فين الكلام دا بقى وأنت بتكسر فرحتنا بعدم موافقتك على الرحلة.

تفوهت "نور" بنفس اللهجة : -اه ياقلبى ياللى اتكسر يانى.
نظر إليهما الجد بفم مفتوح من تمثيلهما الواضح: 
- لا براف مشهد هايل، ثم ضحك قائلاً:
-دا أنتو زنانين أوى.

ضحكت "رحيل" بنبرة عالية و التمعت عيناها الزرقاء بشدة، فقالت وهى تقبل جدها:
- بحبك ياوهدان.
تبسم الجد وقال بمرح:- لمضه هانم ارتحتى دلوقتى يارب تكونوا مبسوطين، دا على كدا بقى لو كنت رفض كنتوا هتزعلوا صح.

-صح.

هتفت "نور" بصوت مرتفع نسبياَ:
- يعيش ويحيا وهودان بيه.
فأخذت "رحيل" تردد معاها وهما يذهبوا إلى الخارج، يعيش وهدان يعيش وهودى يحيا العدل، فضحك العجوز على هيائتهم المضحكة وفى هذا الوقت جاء "حمزة" وهو ينظر لاثرهم بحيرة فقال:
- هما مجانين العيله دول مالهم.

- فرحانين علشان وافقت أن هما يسافروا.

-يسافروا فين !.

- رحلة تبع النادى طالعه دهب أسبوعين واصحابهم كلهم رايحين وهما عايزين يروحوا معاهم.

-أزاى بس يابابا توافق ع طلب المجانين دول.

-ما أنا مقدرتش الصراحه أرفض ليهم طلب.
 
رد "حمزة" ضاحكاً: -هما اشتغلوك يابابا .

تبسم الجد بهدوء ثم قال :
- ما أعمل إيه اي لبنتك وبنت أخوك اللمضه التانيه اللى  اتمسكنت لحد ما اتمكنت وأنت عارف إن بضعف قدام عيونها الحلوين.

تفوه "حمزة" باسماً:
- رحيل دى مشكلة وأنت بقا هتقدر ع بعدهم أسبوعين دى لوحده منهم اتأخرت برا بتبقى هتتجنن عليها.

- أهم حاجه أشوفهم فرحانين قدامى وبعدها كل شئ يهون.

بعد عدة ساعات ..
كانت "نور" تهمس "لرحيل" قائلة بسعادة:
-تعرفى أني بجد فرحانة أن جدك وافق على السفر واخيراً هنسافر لوحدنا.

أنتبه "مراد" لهمسها فسمع كلماتها الاخيرة فقال متسائلاً:
-مين دا اللى هيسافر.

أجابته شقيقته برقة:- أنا ورحيل ياابيه هنسافر.
-نعم تسافروا ! وعلى فين العزم إن شاء الله.

رددت عليه "رحيل" دون أن تلتفت نحوه: - رايحين دهب.

تحدث فى هذة اللحظة "مازن" بفرحة عابثة:
-الله دهب أنا جاى معاكم  قوليلي بقى هنقعد هناك كام يوم ها ها.

أردفت "رحيل" بهدوء :-هنقعد أسبوعين.

-العب بس استنى انتو رايحين لوحدكم.

ألقت "نور" ناظرة خاطفة إليه ثم قالت:
-لا يامازن دى رحله طالعة ف النادى مع أصحابنا.

تحدث أخيها بعدم موافقة:- مفيش مرواح فى حته يانور.
بُهت وجه الفتاة فقالت منزعجة:
- ليه بس كدا ياابيه.

-  أنا قولت كلمتي مفيش سفر فى حته مفهوم.

تحجرت الدموع فى عيناها فقالت بنبرة مختنقة:
-علشان خاطرى يامراد وافق.

قطب جبيناه وقال غاضباً:
- أوافق ايه يااستاذة أنتى بتقولى رحلة لدهب وطالعة تبع النادى واكيد فيها زفت شباب و..

أوقفته "رحيل" عن الحديث قائلة:
- لكن فيها بنات طالعين وبعدين احنا اخدنا موافقة جدو.

- وأنا قولت لا.

رددت عليه الأخرى بتحدي: 
-وأنت مالك  بتدخل فى اللى ملكش فيه ليه وبعدين أصلا أنت بترفض على أساس  اي.

نظر إليها بعينان تتقدان غيضاً فقال بنبرة حادة: 
-لا ليا يا أستاذة رحيل ومتنسيش أني ابن عمك الكبير وليا كلمة عليكى فاهمه.

زاد تمردها فأجابت بنفس الغضب والحدة: 
-لا مالكش كلمة عليا ليك على أختك وبس و بعدين أنت فاكر نفسك ايه أصلا علشان تقولى لا وترفض.

تفوه أبيها بتحذير قائلاً: 
-رحيل أخرسى ومسمعش صوتك واحترمي الموجودين.

ثارت "رحيل" غاضبة من ذاك المتحكم فصاحت متحدثة دون أن تنتبه إلى نبرة صوتها العالية:
- لا يابابا معلش حضرتك أنا مش هسكت هو ملهوش حق يتكلم معايا بالطريقه دى هو فاكر نفسه ايه يعنى.
غضب "سليم" من نبرتها فرفع يديه ليضربها، لكن منعه "مراد" قبل أن يفعل شيئاً سيندم عليه.
فنظرت إليه "رحيل" بصدمه وقد ترقرقت عيناها فهى لم تصدق ما حدث للتو، فهذة المرة الأول التى يرفع بها والدها يديه كى يضربها، وكل هذا بسبب ذاك المراد الذى تكن له مشاعر كارها، فأتاها صوته الذى تبغضه قائلاً:
-عمى أرجوك اهدى الموضوع مش مستاهل أنك تتعصب بالشكل ده وبعدين ماينفعش تضربها.

أحكم "سليم" قبضته حول ذراع أبنته وقال بانفعال:
- الظاهر أني دلعتك زيادة عن اللزوم وبقى صوتك يعلى عليا ...ومن هنا ورايح ابن عمك الكبير له الحق أنه يدخل ف أى حاجه تخصك وكلمته هتبقى مسموعه وهتمشي عليكى فاهمه ياهانم.

رجت الصدمة كيانها فأغمضت عيناه بقوة فقام والدها بهز جسدها بقوة أوجعتها ثم قال:
- مش بكلمك أنا ردي عليا.

أردف "مراد" باختناق:
- عمى سليم مش كدا سيبها لو سمحت.
 
دفع "سليم" أبنته التى كادت أن تسقط أرضاً فقال: 
- على فوق ومشفش خلقتك قدامى يلاااااااا.

فزعت من حدته، وأثناء مرورها من أمامه وقفت مقابل "مراد" وقالت بنبرة متحشرجة من أثر اختناق البكاء:
-أنا بكرهك يامراد ومكرهتش حد فى حياتى قدك، أنهت جملتها ثم هرولت إلى غرفتها.
فنظر الآخر لاثارها بحزن وقد احس بوخزه قوية فى صدره، 
فتلك الكلمة أخذت تتردد فى أذنيه شعر وكان خنجراً طُعن فى قلبه، فهذة الكلمة كانت كفيلة بأنها تكسر قلبه وتفتته إلى قطعٍ صغيرة.

تحدث الجد مستنكراً لما حدث:
- مكنش يصح اللى أنت عملته دا ياسليم.

أجابه بتهكم قائلاً : 
-يعنى حضرتك ماشوفتش الهانم أزاى بتزعق وبتعلى صوتها عليا ومحترمتش وجودى قدامكم كأني مش عاجبها ومعملتش أى احترام لأى حد من اللى قاعد.

أردف الجد معاتباً:
-عارف أنها غلطت بس بردو مينفعش أنك ترفع أيدك عليها.

تحدثت "صفا" بكل بقسوة وبرود :
- المفروض كان ضربها وأداها قلمين على وشها ع قلة أدبها دى.
نظر إليهم  بعدم رضا ثم قال:
 -أنا هقوم أنام احسن دا أنتم مفيش فيكم أى فايدة وأنتى ياصفا بلاش معملتك دى لبنتك.

رددت متعجبة: 
-يعنى هو أنا عملت ليها حاجة، وبعدين يابابا  رحيل مدلعة زيادة عن اللزوم وحضرتك السبب فى دلعها ده.

ضرب كف على كف وهو يقول :
- لا حول ولاقوة إلابالله عايزانى أبقى قاسي زيك عليها ولا أبقى زى التانى اللى مش بيسأل فيها من أصله والله البت دي خسارة فيكم.
         **********************************
الفصل الخامس🦋🤎

فى وقت متأخر من الليل كان "مراد" واقفاً فى شرفة غرفته ينظر إلى ذاك القمر البازغ، فهو رفيقه المخلص ليلاً والذى يراقبه من بعيد صامداً، فهو يعرفه فى لحظاته المضيئة والمظلمة،  وفى هذا الظلام أجتمعت الذكريات وكأنها قلباً لا ينبض إلا ليلاً، فرفع رأسه إلى السماء وتأوه بصوتٍ كئيب لا يخلو من الكسرة، وعلى حين غرة شعر بيد توضع على إحدى ذراعيه، فلما أستدار وجد جده يقف بجانبه، يسأله ما به، فأجابه الآخر فى حيرة:
- مش عارف مالي.

تنهد الجد ثم أضاف:- أزاى يعنى مش عارف.

أخبره قائلاً:- متشغلش بالك بيا أنا كويس مفيش فيا حاجه.

عاتبه الجد "وهدان" قائلاً:
- بتخبي على جدك اللى مربيك وعارف أنت بتفكر فى ايه، وايه اللى شغالك ومعكر مزاجك.

تنهد وقال:- صدقني مافيش حاجه مخبيها عنك. 

- طب والحزن اللى مالى عينك دا تسميه ايه، سكت لثوانٍ ثم أضاف:
- أنت لو خبيت عن العالم كله وجعك وحزنك مش هتعرف تخبي على جدك يامراد.

تنهد "مراد" ثم أجاب بألم ينهش صدره:
- مش عارف حاسس بتعب ..مخنوق ومش عارف مالي جوايا وجع مش عارف اتخلص منه...حاسس بضيق فى صدري، وحاسس أن الدنيا كلها بتعاند معايا وماشية عكس ما بتمني.

تحدث الجد متسائلاً:
- أنت لسه بتحبها؟.
أنتظر رده فى ترقب فلم يجيبه الاخر فقال مبتسماً:
- مادام سكت يبقى لسه قلبك بينبض بحبها.

فرت دمعة من عينه حزناً فمسحها سريعاً قبل أن يراها جده فأردف:
- عمري ما بطلت أحبها، أنا كل يوم حبها بيزيد جوايا عن اليوم اللى قبله، ومكنتش أعرف أن معملتي ليها هتخليها تكرهني.

سارعه بالقول:
- ومين قالك أنها بتكرهك.

رد عليه مستهزاً: 
-يعني حضرتك ماسمعتش الهانم قالت ايه ليا.

- لا سمعت بس دا من وراء قلبها.

نظر إليه بأنصات فقال:
- ازاى يعني مش من قلبها.

طمأنه الجد قائلاً:
-بمعنى هى مش كرهاك كشخصك هى مش بتحب تحكمك فيها لأنك طبعا عارف رحيل من صغرها متعودة أن كل طلباتها مجابه ومحدش بيرفض ليها  طلب، فلما تيجي أنت مرة واحدة وترفض طلبها أو أي حاجه هى عيزاها ف أكيد هى مش هتحب كدا، فهتلاقيها بتتصرف تصرفات غريبة مش عجباك لمجرد أنها تلفت نظرك بتصرفها ده.

- وأنا مش همنع عنها حاجه غير لو هى متنفعش، يعنى حضرتك هى ونور مينفعش أن هما يسافروا ويباتوا برا البيت، وكمان هما رايحين فى حته مليانة شباب مش عارف أزاى حضرتك وافقت ع كلامهم.

أردف الجد مبتسماً: 
-يعنى لو مكنش فيها شباب كنت هتخليهم يسافروا !. 

اندفع "مراد" بالقول :
-طبعآ لا أنا مقدرش أن هى تغيب عني يوم واحد ومشوفهاش  قدامي دا أنا  اتجنن فيها.

تبسم الجد بخفة لما قاله حفيده، فوضع الآخر يديه على رأسه بإحراج، فقال الجد:
-مكنتش أعرف أنك بتحبها أوى كدا ومتقدرش ع بعدها، صمت لوهلة ثم أكمل قائلاً بود:
 -تعرف يامراد إن أنت ورحيل ليكم معزة خاصة فى قلبى وأقرب اتنين ليا ودا لان أنا بشوف نفسى فيك وأنا صغير ولانك واخد حاجات كتير منى، أما رحيل بقا فهى نسخة طبق الأصل من جدتك الله يرحمها هى الوحيدة فيكم اللى طلعت نسخة منها نفس لون العين ولون الشعر الاحمر ونفس الغمازات ونفس طباعها،  تعرف أول ما اتولدت كنت أنا أول واحد اخدها فى حضني ووقتها شوفت فيها جدتك، علشان كدا ناديت  سليم وقولتله أنا هسمى بنتك رحيل ع اسم أمك لأنها هتبقى نسخة منها لما تكبر ساعتها فرح وابتسم ولما جيت أنت وشوفتها طلبت منى تشيلها وكان عندك ٨ سنين فاكر وقتها أنت قولت اي لما شيلتها بين ايدك.

أردف والفرحة تغمر قلبه:
- قولت دي هتبقى حبيبتي و عروستي.

- ولما قولتلك عروستك، قولت اه عروستى وهتبقى مراتى لما أكبر زيك أنت وتيتا، كنت فاكر أن دا مجرد كلام  طفل، لكن لما كنت بشوف نظرتك ليها ولامعة عيونك ف كل مرة لما كنت بتكبر، و نظرتك اللى مكنتش بتتغير أبدا عرفت انه مش مجرد كلام وانه هيبقى حقيقى فى يوم.

تحدث "مراد" قائلاً بتسأل:
-تفتكر ياجدى أن ده ممكن يحصل وأنها هتبقى مراتى.

-وليه لا.

-خايف  أن حلمي مايتحققش وتبقى لواحد غيري.

أجابه الجد باطمئنان: 
-متخافش مدام لسه حلمك موجود خلى أملك ف ربنا كبير وانه قادر ع كل شئ، قادر أنه يجعل من الصعب سهل ومن المستحيل حقيقه بس أنت قول يارب واستودعه حلمك.

أردف الاخر بنجاة ربه هامساً:
- يارب أنت اعلم بحالى وما تحتاجه نفسى ف الأمر كله بيدك فاستودعك ما أتمنى.

           ******************************

جاء صباح يوم جديد مملوء بالتفاؤل والأمل، كانت تركض "نور"  فى الممر محاولة إلالتحاق بأبيها قبل مغادرة البيت، وعلى حين غرة ألتوت قدميها اليسرى، فأمسكها "أدهم" الذى هرول نحوها مسرعاً قبل أن تسقط من على الدرج، فقام بضمها إلى صدره تلقائياً دون وعي، فخطف نظرة إليها ليدقق إلى ملامحها البرئية الذى لأول مرة يحدق بها عن قرب، فشعر بنبضة قوية تضرب قلبه، حين فتحت عيناها الماسية المرتسمة بالرموش الكثيفة، فبُهت من جمالها الذى سحره، فتعجب بداخله من ذاك الشعور المفاجئ الذى طرأ عليه، بينما هى أدركت الوضع فابتعدت عنه بحياء وقد توردت خديها، أستفاق مما هو فيه وقال مرتبكاً:
-أنتى كويسة رجليكى حصلها حاجه.

أجابته بحياء قائلة:
- لا محصلش حاجه أنا كويسة وشكراً لمساعدتك لولاك كان زماني طايحه من على السلم.

-على اي بس كويس أنى جيت ف الوقت المناسب قبل ماتقعى، و بعد كدا خلى بالك ومتجريش بالطريقة دي.

طأطأت رأسها إلى الاسفل بخجل وقالت:
- حاضر عن أذنك ، ثم تركته بمفرده.

تحدث "أدهم" إلى نفسهِ قائلاً : 
-أنا ايه اللى بيحصلى وليه قلبى دق بالطريقة دى لما كانت قريبة منى، أياك تكون  ياقلبي بدأت تحبها،،
فاق من شروده ليقول بنفى:
 -لا مستحيل مستحيل يحصل وأرجع أحب تانى، لا مش هيحصل كفاية الوجع اللى اتوجعته قبل كدا  ولحد دلوقتى مش قادر اتعافى منه، عمري ماهسمح لوحده تانية تدخل حياتي،،
 الحب بيخلى البنى آدم مننا ضعيف ومكسور وأنا مش هسمح لده أنه يتكرر تانى.

على الجانب الأخر كانت "رحيل" جالسة أمام حوض المسبح تنظر إليه بشرود، فقامت "نور" بالمناداه فلم تجيبها فهزت ذراعيها وقالت:
- أنتى يابنتى.
أنتبهت "رحيل" إليها فقالت متعجبة: 
-نور أنتى جيتى امتى!.

رددت عليها وهى تجلس بجانبها على المقعد:
- بقالى ساعة قاعدة جنبك وبنادى عليكى وأنتى ولا الهوا كأنك مش موجودة.

-مخدتش بالى والله وبعدين ياكدابه ساعة ايه اللى قاعدة فيها معايا إذا كان أنا جيت هنا من شوية.

علت الابتسامة محياها فقالت:
- ما هو طبعا لازم اقول ساعة زيهم امال أقول أى يعني.

تسألت الآخرى قائلة:
-هما مين دول اللى لازم تقولى زيهم؟.

- اللى هما ع طول بيقولوا أنا بقالى ساعة مستنيك تحت البيت،  وأنا بقالى ساعة برن عليك وأنت مش بترد واللى واللى بقى دووول كتيييير أوى وهما أصلا بتلاقيهم بقالهم دقيقة أو أقل مش ساعه زي ما هما بيقولوا.

تبسمت "رحيل" برقة مما جعل إحدي غمازاتها تظهر واضحة:
- أنتى هبله يانور ايه اللى بتقوليه ده.

أجابت "نور" ببلاهة:
- اة وربنا هما بيقولوا كدا  حتى اسألى مازن وهو هيقولك.

حركت "رحيل" تلك الأسوار فى يديها بتلاعب ثم قالت:
 -اااه قولتى مازن  وأنا بقول البت جرا ليها ايه اتارى البيه بهت عليها.
بعد بضع دقائق جاءت صديقتهم الثلاثة  " ندي" التى صاحت قائلة:
- صحابي الواطييين عاملين اي.

تفاجأت "نور" من وجودها فقالت متسائلة:
- حبيبتي ندي أنتي جيتي امتى.

- أنا لسه جاية حالاً يامتخلقة أنتى جرا لعقلك ايه ركزي كدا الله يكرمك مش ناقصه عته.

- أنا مش متخلفة ياست ندي.

قاطعتها مازحة:
- ما أنا عارفة أنتى هتقوليلي.
فر ثغر "رحيل" عن بسمة ودودة وقالت:
- سيبك منها ياندي وطمنيني عليكى.

- أنا الحمدلله بخير، أنتى أخبارك ايه ياقمر.

أجابة الأخرى بمرح:
- القمر زي الفل.

- طب كويس، ثم أضافت قائلة: 
-وبعدين ياواطين بقالكم كام يوم محدش منكم عبرني ولا سمع ليكم أى حس ولا شافكم حتى، فعلا طلعتوا عيال واطيه على الآخر بقى هى دى الصُحبة.

-ع أساس أنك أصلا بتسالى أو بتكلمي حد فينا ياست ندى.

تفوهت "ندى" ببرود: -المفروض أنتو اللى تسألوا مش أنا ياست رحيل.

-ودا ليه إن شاء الله.

-علشان انتو أتنين وأنا واحده.

ضحكت "نور" ثم قالت :- لا والله.

رددت "ندى" بمرح :
-اه والله وبعدين إذا كان عجبك يانور هانم، المهم أنا جاية ليكم علشان اخدكم معايا بربطة المعلم  نروح نشترى شوية حاجات ليا.

أردفت "نور" قائلة بخمول : 
-أنا مش قادرة اتحرك من مكانى.

- لا ياحلوة هتيجى معايا يعنى هتيجى وبطلى كسل بقا شوية.

تظاهرت "نور" بالتعب قائلة:
- صحبتك عيانه  ياندي ورجلى وجعانى دا حتى من شوية كنت هقع من ع السلم لولا أدهم.
بترت حديثها حين أمسكتها "ندي" من ثوبها الأبيض وقالت مندهشة:
- لولا مين ياما عيدي كلامك تانى أصلي ماسمعتش كويس.

أبتلعت ريقها بخجل ثم قالت:
- لولا أدهم ابن عمي.

- مش أدهم دا هو نفسه حبيب القلب.

- اه.

- ياحنينه، واكيد أنتى طبعاً كنتى هتطير من الفرحة عشان الواد لاحقك صح.

تبسمت "رحيل" من هيئة  وحالة "نور" المنكمشة من أثر قبضت "ندي"،، ثم قالت:
-سييبي البت ياندي حرام عليكي أنتى قفشاها كدا ليه.

تحدثت الأخرى بإصرار قائلة:
- ما أنا مش هسبها غير لما تقولي ايه اللى حصل.

نظرت إليها "نور" وقالت:
- والله هقول بس أنتى ابعدي عني ياشيخه بدل ما أنتى محسساني أنك قفاشة حرامي.

ابتعدت صديقتها عنها وبدأت تقص عليهما ما حدث:
-كنت بجري ورجلي  اتلومت وكنت هقع من على السلم بس أخوكى يارحيل الله يستره لحقني ووو... ولكنها حين تذكرت كيف قام باحتوائها قبل سقوطها، فافترّ ثغرها الصغير عن ابتسامةٍ عذبةٍ.

دنت منها "رحيل" عندما لاحظت اصتباغ خديها بالاحمرار فقالت بمكرٍ:
- بصى كدا ياندي أنا حاسه أن وشى أحمر حطى أيدك وشوفيني لاحسن يكون فى سخنيه ولا حاجه.

ضحكت " ندي"  من تداعب "رحيل" فقالت مازحة:
-ايه دا ياريري مال وشك بقا احمر كدا ليه، شكل كدا السخنية عالية عندك.

نظرت إليهما "نور" بخجل ممتزج بالغضب فقالت:
- بجد أنتو باردييين  اوووي ع فكره.
تفوهت "رحيل" بمرح قائلة:
-  الا قوليلي يانور هو دومى حبيبى أنقذك من الوقعة ازاى يعني حضنك مثلاً عشان متقعيش.
اجابتها بغيظ مكتوم:
- تصدقى يارحيل أنك باردة زى أخوكى.

-وماله أخويا دا حتى  عسل.

- عسل أسود وأنتى الصادقه.

بينما "ندى" قالت باسمة:
- يابت يابت قولى واعترفى باللى حصل بدل ما اخليكى تعترفى بطريقتي.

أردفت "نور" بصوت عذب ورقيق وقالت كل ماحدث ثم أضافت :
-بس ياستى هو دا كل اللى حصل وأنا من ساعتها مش قادرة اتلم ع بعضي، قربه كان حلو أوى تعرفوا أنا بحبه ونفسي هو كمان يحبنى.

ربتت "رحيل" على يديها برفق ثم قالت بلين:
- أكيد هيجى اليوم اللى هيعترفلك بحبه بس أنتى اصبري.

أردفت الأخرى بيأس: 
- شكله مش هيحصل ابداً، لأن أخوكى دا بارد مش بيحس اصلآ.

- والله أنا أخويا احسن من ناس تانيه ومش بارد زيهم و لا حتى بيدخل ف اللى ملهوش فيه.

نظرت نحوها الاخرى ثم قالت: 
-أنا حاسه أن كلامك فى تلقيح وشكله ع ابيه صح، شكلي هزعلك  دا أخويا حبيبى.

-ياشيخه اتنيلى أنتى وأخوكى البارد المعدوم الإنسانية اللى  حاشر مناخيره ف كل حاجه. 

تفوهت "ندى" متعجبة:
-هو ايه اللى حصل مخليكى مش طايقه الشاب الحيلاوة مراد باشا، 
 عملك ايه اللى شكله وكلامه بينقطوا عسل وسكر، أكيد أنتى اللى بتفترى على الراجل ياظالمة.

نظرت إليها "رحيل" بأشمئزاز  ثم قالت:
-عسل وسكر ايه جو التلزيق ده.

تحدثت "نور" بغضب مصطنع: 
-لا يارحيل كله إلا ابيه مراد دا مفيش احلى منه ولا فى حنيته دا عسل.
زمت "رحيل" شفتاها وقالت:
- اه وماله وبعدين ايه اللى كل شويه دا عسل دا عسل خنقتونى.

جذبتهم " ندى "  وهى تهم على الخروج قائلة: 
-طب يلا ياحلوة أنتى وهى خلينا نخرج نروح المول وبعد كدا نبقى نشوف حكاية العسل اللى مزعلك.
    *************************************

فى هذا المستودع المظلم كان جالساً ذاك الشخص على مقعده الخاص، يرتدي قناعاً يخفى به وجهه، فلم يظهر منه إلا عيناه فقط، كان يشغل عقله كيف سينتقم من تلك العائلة الذى يحمل لها قدر كبير من الحقد والكره،،
وفى هذا الاثناء  قاطع تفكيره رنة هاتفه، ففتح على المتصل وبدأ يسترسل قائلاً:
- ها عملتى اللى قولتلك عليه.
المجهول: -لا لسه مجاش الوقت المناسب.

الشخص: -هو أنا لسه هستني الوقت المناسب.

المجهول :- خلاص يافندم الموضوع قرب ينتهى واللى أنت عاوزه هيحصل.

صاح الشخص غاضباً : والبيه التانى ايه وضعه.

المجهول :- والله يافندم هو ماشى حسب الخطة بس احنا كنا عايزينك تزود لينا الفلوس.
الشخص : -لما اللى قولت عليه يتنفذ هديكم الفلوس اللى عايزينها.

تحدث المجهول بطمع : - بس احنا عايزين مليون جنيه.
الشخص :-بس دا كتير .

المجهول: -مش هيبقى كتير على اللى هيحصل.

الشخص :-تمام موافق المهم أنكم تخلصوا الموضوع ف أقرب وقت أنا عايز أشوفه ميت قدامى.
ثم اكمل بشر: أصل أنا مش هرتاح ولا هيهدالى بال إلا لما اخلص عليه واقهر عيلته ع موته.

لمتابعه باقي فصول الرواية اضغط هنا 👇

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-