روايه سيف القاضي الفصل الواحد والعشرون
بقلم اسراء شويخ
ينظر لسعادة ابنه الذي يقف بثبات يطلب يد حبيبته شعر براحة ليس لها آخر ..
مصطفى " عمي انا طالب ايد بنتك بيسان "
يوسف بغيظ " طيب سيب ايدها يا حبيبي وبعدين اتكلم "
تنحنح بحرج وترك يدها وقال بعشق " ده مؤقتا لغاية ما نكتب الكتاب بكرة "
الجميع على نفس الصوت " بكرة "
مصطفى بثبات " ايوة ايه اللي هيمنع هتسأل عني مثلا .. اجراءات الفرح براحتكوا المهم بكرة هتكون مراتي "
يوسف بغيظ شديد " لا يا راجل طيب اخبط دماغك بالحيط معنديش بنات للجواز "
وقبل ان يجيب ردة هيا " موافقة يا بابا عندي امتحانات ولازم افوقلها "
ابتسمت اسراء دون كلام فهي في الأخير تريد السعادة والأمان لابنتها تريد لها الحياة التي عاشتها وقد رأت بعينين ذاك المصطفى عشق كاف ليجعلها مطمئنة فقد وصل لها وانقذها قبل عائلتها الآن تستطيع تركها في بلد آخر وهيا مطمئنة ..
أما ذاك الماكر كان فقط ينظر داخل عينين ابنه ويرى سعادته ذاك يكفيه يقولون كل شئ متاح في الحرب والحب وابنه عاشق ولن يتردد بفعل أي شئ الممكن واللاممكن من أجل سعادته فهو ابنه الوحيد ...
كان قد علم بالصدفة بذاك الحرس الذي يؤمن بيسان تواصل مع مسؤولهم وشرح له كل شئ وبمساعدته استطاع تخدير تلك البيسان وحملها من قبل سيدات فهو لم يرد أن يأخذ ذنبها اكثر من ذلك ...
ووضعها في مكان لا يدل على أي شئ المهم أنه وضع نفسه مكان عائلتها لن يجعلها تكمل تعليمها في الخارج بعد ذاك الخطر الا اذا كانت بيد أحد أمين وخصوصا كان هذا الشخص وصل لها قبل الجميع وأنقذها ومصطفى كان ينفذ خطة والده دون ان يدري ..
علي بابتسامه وبراءة " خلاص ان شاء الله بكرة كتب الكتاب ونعمل الفرح الاسبوع اللي جاي وتكمل امتحانات براحتها "
ابتسم بامتنان لوالده عند طلبه هذا الطلب فهو يريدها زوجته في أسرع وقت ... لو يوما واحد ومات بعدها يكفيه ..
كان يقف بهدوء شديد عكس براكين السعادة التي ولدت داخله فأي ردة فعل ستعبر عن شعوره .. هو بطبعه لا يعبر عن حزنه او فرحه لكن فرحته الآن لا يضاهيها شئ ...
أما آسر فهو كظابط مخابرات سيجن كيف تم العثور عليها بهذه السرعة ولماذا المكان فارغ ولا يوجد أي حرس حولها مئة ألف سؤال يدور في عقله ...
حتى توصل أنه من الممكن أن يكون تخطيط مصطفى لكن لهفته وجنونه تدل على أنه لم يكن يعرف
رفع نظره ليلمح نظرة علي الذي أخفض عينيه بتوتر ليبتسم بخبث على تلك الحبكة التي دخلت عقل الجميع اقترب منهم يبارك لهم ثم همس لعلي " لا ملعوبة .. برافو عليك "
علي بثقة " عيب عليك ده انا علي السمري "
آسر بلهفة " ومش خايف ابوها يعرف "
تحولت نظرته لجمود " بيسان فعلا بخطر بسبب بحثها وانت عارف كدة كويس فاللي حصل ده كويس ليها انه يكون حد معاها في بلد غريب زي كدة .. وحتى لو عرف انا مأذيتهاش في أي حاجة انا قدمت ليها راجل بيعشق تراب رجليها هيخليها ملكة فماحدش يلومني انا ما عملتش حاجة غلط وعشان ابني مستعد اعمل اي حاجة "
هز آسر رأسه بتفهم فهو رأي حالة مصطفى قبل ذلك ووالده لديه كل الحق فهو قد جرب لوعة الفراق لذلك سيلتزم الصمت كأنه لم يعرف ...
بعد وقت تم الاتفاق به على كل شئ تم الاتفاق على السفر غدا وكتب الكتاب والاستعجال بالفرح قبل الامتحانات ..
اقترب يوسف من علي وقال بجدية " مش هلومك على اللي حصل ... عشان أنا أب وعارف انه الابن غالي بس برضو ما كانش لازم تعمل كدة "
كاد علي يتكلم لكنه أشار له واكمل كلامه بحسم " لولا اني متأكد انه مصطفى ما يعرفش وانه قادر يفديها بروحه عمري ما كنت هوافق .. خصوصا انه بيسان فعلا بخطر .. اللي عملته غلط كبير يا صاحب عمري "
تركه وغادر تنهد علي بضيق كان متأكد ان يوسف سيكتشف ذلك فهو في قمة الذكاء .. ذكاء يفوق ظباط المخاب.رات .. أيا كانت النتيجة المهم أن ابنه سعيد واي خسائر أخرى معوضة أمام وحيده ..
****
وصل بيته باشتياق السنين رغم أنه مر يومين فقط لكن اشتياقه فاق الحدود ..
كانت تقف في الصالة عند سماعها صوت قدومه اقترب منها وضمها بلهفة لكنها ضمته ببرود
وهمست بجفاء " حمد الله عالسلامة أحضرلك تاكل "
تفاجأ بردة فعله فهمس بحنان " ماسة بتتكلمي كدة ليه "
رفعت يده التي كانت تحاوطها وقالت بضيق " مافيش انا تعبانة وعايزة أنام بعد اذنك "
أمسك يدها وسحبها بحنان تجلس وجلس بجوارها وقال بهدوء " اول حاجة عايزك تتعلميها مهما زعلتي مني عمرك ما تسبيني وتبعدي او تخلي في قلبك حاجة مني قوليلي كل اللي مزعلك وانا أطيب خطرك لحظتها ومستحيل اسيبك تنامي زعلانة يا ماسة "
همست بدموع " يعني مش عارف "
عندما هبطت دموعها بسببه كره نفسه فهو تعهد أن لا يحزنها يوما شعر بالاختناق وهمس برجاء " عشان خاطري بلاش تعيطي بسببي والله العظيم قلبي بوجعني قوليلي في ايه "
بكت اكثر وقالت بلوم " انا اختي تخطفت وانت سافرت مع مامي وبابي وما قولتليش خبيت عليا انه اختي في خطر "
سحبها لحض.نه يلوم نفسه على غباءه وقال بأسف " حقك عليا انا اسف والله العظيم خفت عليكي عشان ما كنتيش هتستحملي قولت هطمن عليها واطمنك ما كنتش هأستحمل اسيبك منهارة هنا وخايفة وأسافر سامحيني مش هتتكرر تاني "
هزت رأسها دون كلام وقامت تجهز الغداء كان يعلم أنها لن تسامحه بسهولة..
دخل يراقبها من قرب وقلبه يؤلمه أنه أحزنها لكن لن يترك في قلبها ذرة حزن حتى لو سيقضي الليل يعتذر ..
انقبض قلبه عند سماعه صوت تألمها بسبب حرق يدها اقترب منها كالمجنون وسحبها غسل يدها ثم سحبها تجلس وهيا تبكي بألم
ذهب بسرعة وجلب كريم للحروق وقال بجنون " عني ما كلت كنت أطفحه بتوجعك مش كدة نروح مستشفى "
استغربت لهفته من مجرد حرق صغير وقالت تطمئنه " آسر الحرق بسيط "
همس وهو يقبل يدها كأن روحه الذي حرقت " بسيط ازاي ايدك حمرت كلها ... مافيش دخول المطبخ تاني هننزل ناكل عند ماما "
ماسة بذهول " كل ده من حرق بسيط "
آسر " عايزاني أستنى تتحرقي اجمد يعني .. او اجبلك شغالة تشرفي عليها اما ما تقربيش من البوتجاز"
ماسة " هو انت خايف عليا كدة ليه "
لم يجاوبها بالكلام بل بفنون عشقه لعلها تفهم أنها أغلى من حياته ...
***
لمحته يقف مع صديقه ووجهه قد تغير كثيرا وذقنه التي كبرت قد كبر مئة عام ...
اقتربت منه تريد سؤاله ذاك السؤال الذي يجعلها لا تنام
آخر ما يريده هو رؤيتها كل شئ داخله يحتر.ق يلومه أنه ضح بها لكن ماذا عساه يفعل ...
همست بكلمه واحدة "ليه "
لمعت عينيه بدموع يتوسل لها أن لا تظهر ضعفه أخفض رأسه ولم يجيب ...
همست بقوة عكس قهرها " أوعدك هخليك تندم ندم عمرك "
قالتها وغادرت لم تكن تحتاج هذه الجملة لجعله يتألم فالألم داخله يجعله يتمنى الموت ...
***
اقتربت من ابنها وضمته بسعادة وفرحة شديدة "بسم الله ماشاء الله احلى عريس شافته عيني "
قبل جبينها ويدها وقال بحنان " ليه البكا يا رحوم ابنك عريس افرحي بقى "
هزت راسها وهي تبكي بسعادة اقتربت منه أخته وقالت بفرحة لفرحته " مبروك يا حبيبي "
اعتصر قلبه على نظرة الألم بعينيها قبل جبينها وقال بحزن " انا اسف في جوازي من بيسان قربت منك الوجع ...
قاطعته بلهفة " لا يا حبيبي ربنا يعلم فرحانة ليك قد ايه ربنا يسعدك دايما ده مالوش علاقة بده "
شدد على يدها وقال بتأكيد " انا واثق انه بعد الوجع في فرحة كبيرة صدقيني بصي ليا انا ... حاسس انه رجليا مش عالارض من الفرحة بعد ما افتكرت انه هافضل اتوجع ٧ سنين وممكن ما تكونش ليا بقت مراتي لحتى الآن مش مصدق أصلا فخليكي متأكدة انك هتفرحي واوي كمان ربنا كريم يا حبيبتي "
هزت راسها بالموافقة وضمته بفرحة لفرحته وقالت بسعادة " سيبك مني انا دلوقتي بقيت أخت العريس ودي حاجة مش هتتكرر تاني غير اذا ناوي تتجوز التانية "
ضربها على رأسها من الخلف وقال بهمس " تانية ايه ... تنهد بحب وأكمل " بيسان هتكون الأربعة "
ضحكت عليه والتفت لتجد تلك الصغيرة تدور في فستانها وقالت بفرحة " شوفتي فستاني يا أبيه حلو قد ايه .. هاكون اجمل من عروستك "
اقترب منها وحملها وقال وهو يقبل وجنتيها " حبيبة أبيه مافيش في جمالها حد اصلا بصي شام هتعيط ازاي عشان فستانك احلى من فستانها "
صفقت بفرحة وقالت لابيها الذي دخل للتو " شوفت يا بابي ايفا حلوة ازاي اجمل من رحوم بتاعتك "
نظر لها بصدمة فهي تعتبر رحمة ضرتها تغار منها بشدة قال بعتاب " ينفع نقول عن مامي كدة "
ايفا "سوري يا مامي ... بس ايفا حلوة صح "
علي بحب " ايفا اجمل وحدة في الدنيا طبعا "
اقترب من ابنه وامتلأت عينيه بالدموع وهو يراه عريس همس بحنان "كبرت امتى وبقيت عريس يا مصطفى "
مصطفى بدموع وهو يقبل رأسه " انت اللي عجزت يا ابو مصطفى "
شهقت رحمة باندفاع " هو مين ده اللي عجز اللي يشوفوا يفتكروا اخوك الصغير '
ابتسم علي وقبل جبينها رفع مصطفى حاجبه بغيظ " طيب خليها اخويا الكبير كدة هتطفشي العروسة "
رحمة بحب " اطفشها ايه هيا تطول مصطفى حبيب قلبي "
علي بغيظ " اتلمي ابنك عريس مش عايز أشلفطلك وجهه "
يقف وسط القاعة ينتظر قدومها دخلت بفستانها الناعم ومكياجها الهادئ شعر بنفسه سيطير فرغ الكون من حوله لا يرى سواها ...
اقترب منها وقبل جبينها بهدوء عكس طوفان عشقه وقال بحنان " مبروك عليا انتي يا بيسان "
اخفضت عينيها بخجل وردت بابتسامه " ربنا يبارك فيك "
بدأت الموسيقى والفرح كان مصطفى هادئ عكس آسر لكن هيا من كانت كالفراشة لم تفارقها عينيه ...
لو ترك نفسه لفرحته سيقفز كالمجنون لذلك حاول قدر المستطاع أن يكون هادئ ...
آسر بتعب " ماسة عشان خاطري خلاص كفاية زعل بقالي ساعة بتحايل عليكي "
ماسة بحزن " فرح اختي وما احطش ولا حتى كحلة "
آسر " اه عشان لو حد بصلك هقلعله عينيه كفاية حلاوة امك دي من غير مكياج اسيبك تحطي روج ليه "
أخفضت عينيها بخجل فهو يرضي غرورها كأنثى دائما بكلماته ...
فأكمل بحنان " الوحدة المهم جوزها يشوفها جميلة وانا شايفك أجمل وحدة في الدنيا "
أما ذاك الذي يقف بالفرح رغما عنه لأنه فرح أخته فقط وهو يراها بفستانها ومكياجها الذي يريد أن يمسحه بطريقته لكن ليس لديه الحق بمنعها او لومها ... تخيلها الان تجلس بجواره مكان مصطفى وبيسان دق قلبه بفرحة لمجرد التخيل كيف لو تحول ذلك لحقيقي
اقترب منه والده وقال بتعب " برضو مش هتقولي فيك ايه يا ابني اتكلم عشان خاطري ايه اللي عامل فيك كدة انت بقيت مطفي كدة في ايه "
نظر لوالده ولم يتكلم ليرد يوسف بتعب " انا هعرف بطريقتي يا سيف وساعتها هيحصل خير "
انتهى ذاك الفرح الذي طال كثيرا على ذاك المصطفى همس والده بحنان " الليلة دي عالفندق وبكرة السفر يا حبيبي هترجع تلاقي قصر مستنيك في أي اجازة "
احتضن والده بسعادة ليهمس والده بمشاكسة " عايزك ترفع راسي "
علي بضحك " انت شايف ايه "
نظر علي لبيسان التي تعتبر طفلة مقارنة به قال بقلق مصطنع " ربنا يستر "
قهقه مصطفى وقال بحب " لا طبعا انت فهمت غلط "
علي بمزاح " ما تيجي اشرحلك "
ضحك بصوته كله ونادى على والدته " رحوم تعالي لمي جوزك عايز يشرحلي اعمل ايه دلوقتي "
شهقت بخجل ولكمت علي بصد.ره ليهمس هو في اذنها " هشرحلك انتي ما تزعليش "
مصطفى بضحك " انت مش عجزت وبقيت عضمة طرية "
علي بغيظ " عجزت بعينك خليك بنفسك انت بس "
على الجانب الآخر كانت تحتضن عائلتها وهيا تبكي
يوسف بمزاح " يااااه حمل وانزاح ربنا يكون بعونك يا مصطفى "
بيسان بغيظ " كدة يا بابي انا حمل "
قبل ان تجيب كان يحتضنها من كتفها وقال بفخر " اجمل حمل في الدنيا هشيله وانا مبسوط اوي "
ابتسمت بخجل أمسك يدها وذهب بها الى سيارته وذهب الى الفندق ليقضي الليلة التي يتمناها .. من يراه من الخارج يرى انه هادئ لكنه داخله براكين لو ترك لها العنان سيكون آخره مستشفى المجانين من شدة سعادته
دخل الغرفة وسحبها لحض.نه بهدوء شديد ورقة تنهد براحة وقال " أخيرا "
اخفضت عينيها بخجل وقالت بهمس " انا آسفة ....عشان...
قاطعها بحنان وهو يتأملها عن قرب " هششش ... المهم دلوقتي انتي مراتي ... ادخلي توضي هأستناكي "
صلى بها ودعا دعاء الزواج أخرج من جيبه شريط وقال برضا " هتاخدي الحبة الأول "
كانت تفكر كيف ستعرض عليه ذلك فهمست بذهول " يعني ده مش هيزعلك "
اقترب منها ووضع الحبة في فمها وقال بعشق " يزعلني ليه ما انا عندي بنت اسمها بيسان يعني مش مستعجل اصير اب تاني "
قالها وبدأ بسرد كيف يكون العشق مع مراعاته صغر سنها ورقتها ... خاف عليها من نفسه لو ترك لنفسه العنان لذلك عاملها بكل حنية ورقة الكون ...
***
أمسك هاتفه يتصفح صفحتها كالعادة حتى قرأ ما شق قلبه ما كان خائف منه ويتمنى موته قبل أن يحدث
" تمت خطبتها "
لمتابعه باقي فصول الرواية اضغط هنا 👇
( رواية سيف القاضي )