رواية حواديت مريم وأدهم الفصل الأول 1 بقلم مريم وليد محمد
- انيميا يا فندم، خدي بالك من نفسك يا أنسة..
- طيب فيه حاجة ممنوعة يا دكتور!
كملت بهدوء:
- والقهوة عادي صح؟
حرك راسه بِنفي:
- لأ مش عادي هتتعبك.
كملت بِرجاء:
- مُجرد فنجان كل يوم.
ضحك بِسُخرية:
- كنتِ جربتِ تقولي كل أسبوع كانت تبقى معقولة شوية..
اتنهِـدت بعصبية ولفيت وشي وكملت:
- أنت غلس اوي يا دكتور.
كمل من ورا ضهري وهو معدي:
- وأنتِ قليلة الأدب يا انسة، لو لمحت في ايدك قهوة هعلقك.
بصيت لُه وكملت وأنا برفع حاجبي:
- ملكش دعوة بيا يا دكتَرة علشان مندمكش على اليوم اللي أمك دخلتك في طب.
ابتسَـملي بِتحدي وماما بتشدني من ايدي وكملت:
- بطلي غلبة بقى ويلا.
بصيت لُه بعصبية واستحلفتله ومشيت في ايد ماما، عندي مشاكل شخصية مع أي حاجة توكسيك.. فبحب القهوة رغم انها بتدوخني، بموت في الاكل غير الصحي، وبحب صحابي، بحبهم اوي.
- مش هتبطلي مناقرة أنتِ وهو في بعض!
قعدت بصعوبة على الكنبة وكملت:
- هو اللي بيبدأ يا ماما على يدك، وبعدين ده أدهم يعني لو مناقرتهوش هناقر مين؟
كملت بهدوء:
- بس هو عنده حق يا مريم، مينفعش تضري نفسك كده، يا بنتي ده انتِ كل شوية تدوخي وتقعي مننا ونجري على المستشفى..
ضحكت بِخُبث وكملت:
- ولا تكونيش بتطمني على ننوس العين!
بصيت لَها بِملل وكملت:
- بالله عليكِ بطلي الكلام ده، كلنا عارفين إن أنا وأدهم اخوات.
حركت راسها بِإيجاب وقامت وهيَ بتتمتم بِكلام مش مفهوم، ماما هتتعب لو سابتني في حالي.
- يعني انتِ عاوزة ايه دلوقتي!
- عاوزة أحب واتحب يا رحمة والله، اتجوز راجل عسول وقمور كده وبيحبني قد الدنيا وبيقولي شطورة يا بت يا مريومة.
خبطتني بالمخدة في وشي وكملت:
- اخرسي يا بت يا توكسيك يا هطلة أنتِ، مش الواد محمد بيموت فيكِ وأنتِ كارفة وولا بتكلميه ولا عاوزة تقفي لحظة معاه!
اتنهِدت بزهق وقعدت وربعت ايدي:
- مش شبهي يا رحمة مش شبهي، أفكاره تعبانة، صغير كده ودماغه صغير، بيحسبها غلط أوي هنتعب سوا.. ومبيحبنيش بالشكل اللي نفسي اتحب بيه!
- وماجد اللي كان كل شوية يفتح كلام فبلكتيه!
بصيت لَها بعصبية:
- يوه يا رحمة! هو أنا بايرة علشان أقبل راجل مش مناسب بالنسبالي، ماجد ده عاوزني أقعد من الشغل، وأبطل اكتب، ده دمه تقيل اوي مش هستحمل أعيش مع راجل دمه تقيل.
- وريان برفيكت بس قصير صح؟
اتنفِـست بزهق وأنا بحرك راسي بآه وبمسك المخدة اللي حدفتها عليا:
- اوف، ما علينا.. أنا أصلًا مبحبش الرجالة ودماغهم وتفكيرهم وتصرفاتهم.
بصتلي بصدمة وبعدين ضحكت بِسُخرية وبصت باستسلام:
- منطقي.. ما أنتِ مريم.
ابتسَـمت بغلاسة ومسكت موبايلي، فكان أدهم مغيَر البروفايل بيكتشر بتاعته.. بصيت عليها فرحمة كانت بتكمل:
- عاوزاه عسول، بيخاف عليكِ.. بيحبك وبيحميكِ من الهوا الطاير، بيقولك بطلي تشربي قهوة يا مريم ويروح يعملكم اتنين قهوة وتسهروا سوا على السطح، عاوزاه طويل ومسمسم وبيعرف ينكُشك، بيستحمل رغيك وشايف صوتك عادي مش عالي.. بيحب يقرأ وإن لزم يكتب، عاوزاه بيطير كمان!
كُنت مركزة مع كلامها وأنا بقيس جملة جملة على أدهم، ضحكت بغباء وعملت كير على الصورة وكملت:
- فعلًا.
بصتلي بأستغراب فكملت وأنا بقفل الموبايل وبحطه جنبي:
- فعلًا عاوزاه بيطير..
زقتها من جنبي وقمت:
- عديني كده هطلع أقعد على السطح شوية.
قعدت تصوَت وتزعق وتصيح، رحمة لو مصاحتش مين هيصيح يعني!
"اللي شوفته.. قبل ما تشوفك عينيا عُمر ضايع يحسبوه ازاي عليا؟ اللي شوفته!"
- خدي كده..
اتخضيت، كنت مشغلة أغاني أمُ كلثوم منغير موسيقى! ولقيت صوت الانسان ده جنبي، بصيت لأيده لقيته فنجان قهوة صغير.. ابتسَـمت وأنا بفتكر كلام رحمة: "بيقولك بطلي تشربي قهوة يا مريم ويروح يعملكم اتنين قهوة وتسهروا سوا على السطح"
مسكتها من ايده وكملت بغلاسة:
- أنتَ إيه مطلعك، أنا مش قاطعتك!
- مريم فكك، بجد خفي شوية على نفسك في القهوة.. ده فنجان صغير وفيه سكر علشان ميتعبكيش، عاجبك وأنتِ كل يوم مركبة محاليل كده!
اتنهِـدت بزهق وكملت:
- ما انتَ عارف يا أدهم أنا طول عمري مبعرفش أكمل أي حاجة منغير قهوة.. المذاكرة، الكتابة، القراءة، الشغل.
قعَد على الكرسي وكمل:
- زي ما اتعودتِ عليها، تتعودي تبطليها.
حركت راسي بِماشي فكمل:
- صحيح، إيه رأيك في صورة الفيس! معملتيش هاها يعني.
ضحكت وكملت:
- لأ عجبني الأوتفيت والتصوير.. صحيح مين مصورك!
- واحدة صحبتي في المستشفى.
بصيت لُه بأستغراب ورفعت حاجبي:
- واحدة صحبتك! دي مُؤنثة ها!
كمل بغلاسة:
- آه يخصك!
حركت راسي بِنفي وقعدت قدامه وأنا برفع حاجبي:
- بتتعرف على بنات منغيري يا وِقح!
- أنتِ عارفة لو بتقولي وَقح هزعل اوي، بس الحمدلله بتكسري الواو مبترفعيهاش.
بصيت لُه بعدم فهم فكمل بهدوء:
- اخرسي فكك مبتفهميش حاجة، مجرد واحدة زميلتي!
شربت من القهوة وكملت بهدوء:
- وانا مالي صحيح المهم القهوة.
بصلي دقيقة بسكون وبعدين ابتسَـم بهدوء، كنت باصة في التليفون وبشرب القهوة.. بس أنا سوسة زي ما بيقولوا بعرف ابص من فوق.
- رايح فين!
كان قام وقف علشان ينزل بس مقاليش، بصلي وكمل بِهدوء:
- هنام علشان تعبان شوية.
- أنتَ متضايق من حاجة!
حرك راسه بِلأ وكمل:
- لأ تمام.. تصبحي على خير.
كملت بهدوء وأنا بسيب التليفون والقهوة:
- طيب اقعد واحكيلي مالك.
بص بزعل شوية وبعدين قعد، اتنهِـد وكمل بهدوء:
- حاسس إني لوحدي فعلًا، اكتشفت إن فعلًا الحُب من طرف واحد ده أوحش من إنك تدخلي باطنة بدل جراحة مثلًا.
رفعت حاجبي بأستغراب وكملت:
- أنتَ بتحب!
- هو أنا تمثال يا مريم؟ مالك مستغربة كده ليه!
- ومن طرف واحد كمان!
اتنهِـد بِزهق وكمل:
- حمارة بقى نعمل إيه!
- فعلًا..
سَند بضهره ورا وابتسَـم بِسُخرية وبعدين كمل وهو بيشاور على نجمة بعيد بتلمع:
- فاكرة النجمة دي يا مريم؟
ابتسَـمت وحركت راسي:
- نجمتي.
- كنتِ بتقعدي تحكيلي كتير اوي عنها.. ولما كنا بنقفش واحنا صغيرين كنتِ تناديني وتقعدي تكلميها على اساس بتشتكيلها مني وكده..
الهاند فري اتشدت والتليفون وقع، كنت نسيت اقفل الأغنية:
"هات عنيك تسرح في دُنيتهم عنيا، فين ايديك ترتاح للمستهم ايديا.."
اتخضيت فكمل بهدوء وهو بيجيبها:
- بطلي تتفزعي لِأسباب غير منطقية، خدي التليفون..
حركت راسي بِهدوء وأخدته منه، كُنت حاسة بِدقة غريبة في قلبي، أول مرة في حياتي احسها.. خصوصًا وأحنا سوا.
- أنا عاوزة أنام اوي، تصبح على خير.
حرك راسه بِهدوء وكمل:
- وأنتِ من أهل الخير يا مريومة.
نزلت جري على السلم وأنا بردد في عقلي إنه مينفعش، ده أدهم يا مريم.. ده أدهم!
- طيب اهدي ووحدي الله، هو ماله أدهم!
بصيت لها بخضة، اتنفِـست جامد وحضنتها.. طبطبت عليا وكملت بهدوء:
- هو أنتِ ايدك ساقعة كده ليه؟ اهدي
خرجت من حضنها، ابتسَـمت بِغباء وأنا بفتكر رد فعلي، بوستها من خدها وكملت:
- أنا شربت حتة فنجان قهوة موت!
اتنهِـدت وبصتلي بِخُبث وكملت:
- آه، ده أدهم.
- ضحكت بِهدوء ودخلت الاوضة وأنا بقفل الأغنية.
"خدني في حنانك خُدني، عن الوجود وابعدني."
مُهم جدًا يبقى معروف عني إني شخص بيحب كل الرجالة اللي في حياته زي أخواته، يعني أي حد عدا في اي مرحلة في مراحل حياتي، أخوات صحابي، جيراننا، أدهم.. بحط كل الناس دي في زون الاخوات وإن مينفعش احس بمشاعر ناحيتهم، وللنهارده معرفش السبب.
ابتسَـمت وأنا بفتكر وقفته جنبي كل مرة من واحنا صغيرين، كل مرة وقف في ضهري.. خاف عليا، صالحني، شاركني حاجة بحبها! بس كله يقول يجوز وأنا أقول لا يجوز ده أدهم!
"صالحت بيك أيامي، سامحت بيك الزمن.. نسيتني بيك أيامي ونسيت معاك الشجن!"
- طيب احكيلي حصل ايه بقى..
بصيت لَها بخضة فكملت بضحك:
- مريم أنتِ أول مرة تفضلي صاحية لدلوقتي.
اتعدلت في قعدتي وكملت:
- هو أنا ممكن أكون بحب أدهم يا رحمة!
ابتسَـمت بِهدوء وحركت راسها:
- ممكن! وإيه مخلهوش ممكن يا ست مريم!
دقيقة وأفتكرت كلامه عن البنت، وشي كشر وكملتلها:
- بس عارفة قال إيه!
- قال إيه!
حكيتلها اللي قالُه فرفعت حاجبها وكملت بسخرية:
- حمارة فعلًا والله، حمارة ومينفعش حد يشاورلها.. لازم تتخبط بنفسها.
بصيت لَها بأستغراب فكملت بأستسلام:
- نامي يا مريم، نامي يا حبيبتي تصبحي على خير.
اتنهِـدت بزهق ولفيت ضهري ليها، فضلت أفتكر كل حاجة.. حاجة في حاجة، لحد ما لقيتني بطير في احلامي.
***
صحيت من النوم ملقتش رحمة جنبي ففكرتها روحت، بس باب الاوضة كان موارب شوية.. كنت لسه صاحية وأنا ببقى صاحية دايخة كده ومش مركزة، جيت أخرج سمعت صوت أدهم برا، كان بيتكلم مع ماما فضحك بهدوء وكمل:
- هي تستاهل إني أحاول علشانها مليون مرة يا طنط مش مرة واحدة، بس أنا عاوزها تترجم مشاعرها لوحدها الأول.. تفهم إننا مش صحاب وإني بحبها.
كملت وهي بتتنهد:
- يا أدهم ما أنت عارف دي مجنونة وطايشة، ماشية تدور على حد شبه رواياتها، مفكرة نفسها نايمة وبتحلم!
ضحك بهدوء وهو بيمسك مفاتيحه ويقوم:
- ولو مشافتش إني الحد ده، مش هتحبني عُمرها..
- بس أنتَ عارف كويس إن الشخص اللي هي راسماه هو أنتَ، هي بس مش عارفة تصارح نفسها بمشاعرها.. قلقانة تخسرك!
اتنهِـدت بزهق وفركت في عيوني، مكنتش أعرف بيتكلموا عن مين.. بس هو أدهم بيحب حد للدرجادي! وما شاء الله هو من أمتى أدهم واعي كده، وأمي ورحمة عارفين البت منين!
دخلت غسلت وشي، بصيت لقيته مشي فخرجت منغير طرحة.. قعدت جنب ماما وكملت وأنا بمسك ازازة الماية:
- هو فيه ايه، وإيه كان جايب أدهم بدري كده، وكنتوا بتتكلموا عن مين هو أدهم بيحب حد!
- هو مش حكالك عن الحمارة دي أمبارح!
بصيت لِرحمة وكملت:
- ايوه فعلًا، هي مين دي انتوا عارفينها!
ماما اتنفِـست بزهق:
- عارفينها؟ معاشرينها كمان.. بس قالنا منقولكيش، هيقولك وهو رايح يخطبها.
فجأة حسيت بشعور غريب كده، اتخضيت وشرقت وقلقت فماما طبطبت على ضهري:
- يوه فيه ايه!
- أدهم هيخطب! يخطب أمتى ومين وفين وازاي.. وليه ميحكيليش حاجة زي دي! ده حيوان مش مكلماه تاني.
جيت أقوم حسيت بِالدوخة المعتادة، أنا قلبي تعبان شوية، ضغطي بيعلى كتير، وعندي أنيميا.. دنيتي بايظة يعني، بس قدر ولطف، والمفروض محدش يضايقني.. أنا مشربتش قهوة، ومحدش ضايقني، ليه نفسي راح!
مكنتش قادرة اتنفس وقلبي واجعني، ماما دخلت لبست علشان ننزل.. مكنتش حابة أروح المستشفى اللي هو شغال فيها بس ماما أصرت إننا مش هنروح غير هناك.
- مالها تاني فيه ايه! مريم انتِ شربتي قهوة!
مردتش عليه فبدأ يتنفس بعصبية وبصلي:
- هو أنا مش قلت مفيش زفت قهوة!
ماما كملت بقلق:
- مشربتش يا أدهم اصلًا مشربتش!
حرك راسه بِأعتراض وهو بيحطلي المحاليل وكمل:
- مش نافع التشخيص ده، دي لازم تعمل تحاليل تانية.. التعب ده غلط عليها.
كان بيتكلم وأنا مبردش، حط المحاليل ونزل لِمستوايا وأنا قاعدة وكمل بِنبرة قلقانة وحنينة شوية:
- حاسة بِأيه دلوقتي؟
وديت وشي الناحية التانية فبصلهم بإستغراب، ماما شاورتله فراح معاها، كنت حاسة إنه بيلومها، غالبًا علشان قالتلي إنه هيخطُب! هو الإنسان اللي لُه صاحب معاه من الحضانة وقت ما يجي يخطب مش بيقوله! طيب وبعد ما يُخطب مش هيكون صاحبي، حد هيشاركني في أدهم! يا خبر أبيض!
- مريومة!
مردتش عليه فنزِل على رُكبه وكمل:
- ميهونش عليا والله، بصيلي طيب..
حسيت إن عيوني اتطرفت، ما مش معقول اتجننت وهعيط علشان أدهم! ده أدهم!
- مريم بكلمك ها.
بصلي من الناحية التانية فحاولت اداري عيوني، أدهم بيعرف لما بعيط إني بعيط.. كمل بِهدوء:
- أنا مش هخطب اصلًا.
بصيت لُه بأستغراب فكمل بابتسامة:
- طنط ورحمة بيهزروا، يعني أنا لو حد في حياتي مش هقولك!
كنت هصدقه لحد ما أفتكرت اللي سمعته الصبح كملت بِعصبية بسيطة:
- أنا مش صغيرة، أنا سمعتك وأنتَ بتحكيلهم على فكرة.. متكلمنيش تاني من فضلك.
كان لسه هيتكلم لحد ما وقفه صوت الممرضة:
- دكتور أدهم فيه حالة برا لحضرتك..
قام وقف وبص للمحلول:
- نص ساعة وهاجي، خلوا بالكم منها.
منكرش إني حد صعب، عِندي ومبيقبلش يسمع غير لصوت راسه، مش سهل يعرف مشاعره بسهولة، ولو عرف مش سهل يعترف بيها ببساطة كده لنفسه.. ممكن أأذي حد بحبه لو خفت من حُبي ليه، بس أنا أحن حد في الدنيا على قلوب اللي بحبهم، شخص كان بيدي كل حاجة للدرجة اللي تخليه دلوقتِ خايف يدي أي حاجة!
- مريم، أنتِ كويسة!
بصيت لَها ومسحت دموعي اللي نزلت بالغلط، اكيد تُرابة دخلت في عيوني.
- مالي يا رحمة، ما أنا زي الفل اهو دوخة زي كل مرة!
- والدموع يا صاحبتي!
بصيت لَها بأستغراب:
- دموع! أنا مبدمعش، ابعدي عاوزة أريح راسي شوية.
غمضت عيوني وأنا بفتكر وقفته وهو محاوطني في الباص وأحنا لسه في الحضانة علشان مقعش، مسكته في ايدي بأمر من ماما، ضحكه وهو بيحكيلي يومه.. وجرينا ورا بعض في المدرسة وفي الشارع واحنة بنشتري حاجة، وفجأة افتكرت الجملة اللي قالولها: "عارفينها؟ معاشرينها كمان.. بس قالنا منقولكيش، هيقولك وهو رايح يخطبها"، ما يخطُب ولا يولع وأنا مالي.
- رايحة فين!
كملت بهدوء:
- المحلول خلص عاوزة أروح.
كملت بِتحذير:
- مريم خليكِ قاعدة، أدهم هيزعق لو مشيتِ..
- يزعق ولا يولع وهو ماله!
شديت البتاع من ايدي وقُمت بعصبية، كانت رحمة هتوقفني فماما مسكتها، خرجت من الاوضة فكان هو جاي.. عملت نفسي مشوفتهوش ومشيت، أنا محتاجة أعترِف إني عصبية ولو اتضايقت لو معيطتش بولع الدنيا، مكنش ليا مزاج اطلع شقتنا فعديت على طنط رأفة -مامت أدهم- خبطت عليها ففتحت، حسيت إني محتاجة أنهار فأول ما فتحت عيطت وحضنتها، خدتني جوا شربتني ماية وقعدت تهديني.
- احكيلي طيب مالك!
حركت راسي بِنفي فشاورتلها تبعد ايدها من على رجلها ونمت:
- ممكن انام شوية!
بدأت تدلكلي راسي وكملت بهدوء:
- نامي يا حبيبة قلبي، نوم الهنا.. ربنا يريح قلبك يا مريومة.
كنت حاسة بِوجع معرفش مصدره، بس أنا ربيت نفسي على إنه مينفعش نقع في الحب ونختار راجل غلط زي الناس اللي اختارت هناك وقاعدة بتعيط دي، وإن مريم قوية، متقعش بسهولة.. مش راجل اللي يوجعها، أنا ليه بقى حاسة بوجع في قلبي دلوقتِ! مش أنا اللي بنيت مليون سور حوالين قلبي!
- مريومة..
كان بيهمس في وداني، اتخضيت لما شوفته واتعدلت في قعدتي:
- متقلقيش لابسة الطرحة، بس علشان حسيتك هتقعي.
حركت راسي بِماشي وقُمت، كملت بصوت نعسان:
- طنط رأفة فين؟
- جوا في المطبخ بتحطلك الأكل، قومي اغسلي وشك وتعالي..
كملت وأنا بفتكر:
- ماما ورحمة..
ابتسَـم بِهدوء:
- طنط كلمت ماما وماما قالتلها إنك جيتِ على هنا.. ورحمة روحت البيت.
حركت راسي بِماشي وبعدين استوعبت إنه في وشي فبصيت لُه بلوم وقمت وقفت.. اتنفِس بتعب وكمل بهدوء:
- عمومًا مبحبش حد يا مريم.. ومش هخطب، وأنتِ فاهمة غلط.
بصيت لُه وكملت بابتسامة حزينة شوية:
- مش مضطر تبررلي يا دكتور، بقينا كبار كفاية.
- مريومة صحيتِ! اغسلي وشك ويلا علشان تاكلي!
حركت راسي بِنفي وبوستها من راسها:
- حقك عليا هطلع اكل مع ماما علشان أكيد لوحدها.
- طيب اقولها تنزل ناكل هنا؟
بصيت لأدهم وحركت راسي بِنفي، خرجت من الشقة وطلعت شقتنا، ماما كانت قلقانة عليا طمنتها وفعلًا أكلنا.. دخلت اخدت دُش، ولبست بيچامتي اللي بحبها، رشيت برفيوم خفيف ورفعت شعري بِتوكة، حطيت الإسدال عليا وطلعت السطح بعد ما عملت كوباية شاي بِنعناع، شغلت جنبي عايدة الأيوبي: "إن كُنت غالي عليا" منغير موسيقى كالعادة، قررت أكتب اسكريبت صُغير.
"إن كُنت غالي عليا.. وحُبك مالي عينيا، لا تيجي في يوم تقابلني تنسى السلام تنسى التحية، الدُنيا في عينيا ما تحلى يوم وأنتَ بعيد.. والدنيا حلاوتها في كلمة حلوة تطمِني."
سيبت التليفون علشان مقدرتش أكتب، رفعت رجلي على الكرسي وحضنتها بِإيدي وأنا بدندن معاها:
- إن كان للحبيب حبيب تاني، إن شغل قلبه حبيب غيري.. نسي كلامه الأولاني، كان أهون عليا لو كان قالي!
- بس أنا عمري ما حبيت غيرك يا مريم!
سمعت صوته فأتخضيت، فكرت إن الروايات والحواديت كلت دماغي بجد زي ما ماما بتقول، مسك التليفون وقفل الأغنية، قرب منِّي وقعد قدامي، اتنهِـد بهدوء واتكلم:
- والله العظيم عمر ما قلبي دق لحد غيرك، وازاي يدق لِحد تاني اصلًا يا مريم وأنا محلتيش غيرك! صاحبة كل حاجة حرفيًا، أنا بس مكنتش أقدر أجي اخترق كل تفكيرك وأقولك شُبيك لُبيك أنا بطلك الخارق وأنا الأدهم الحقيقي.. كان طبيعي تحسي أنتِ بده، تلمسي وجودي في حياتك، وتحبيني بِقلبك وعقلك وعينك يا مريم..
ابتسَـم بِهدوء وقام وقف وهو بيبص على النجوم، غمض عيونه وسند على السور وفضل ساكت، قُمت وقفت جنبه وكملت بهدوء:
- أنا اللي استاهل تحاول علشانها مليون مرة مش مرة واحدة!
فتح عيونه، ابتسَـم بهدوء وبصلي وهو بيحرك راسه بِآه.. كملت وأنا بمسح دموعي:
- وأنا اللي عاوزها تترجم مشاعرها لوحدها وتفهم انكم مش صحاب وإنك بتحبها!
- بيقولوا آه.
كملت وأنا بفتكر كلامه أمبارح، بصيت لُه بصدمة وعصبية بسيطة وكملت:
- وأنا الحمارة!
ضحك بِهدوء وكمل:
- بس بحبك.
وَقع الكلمة مختلف على وداني، هل مسمعتهاش قبل كده؟ سمعتها ورفضتها، هل كان اللي قايلهالي أدهم! لأ، وطلاما مش أدهم فمحدش مستوعب وَقع الكلمة كهربني ازاي حرفيًا، حسيت إني مش عارفة أتكلم، أو مش عارفة اوصف مشاعري، هو أنا اصلًا بحب أدهم ولا مبحبهوش! وازاي الإنسان بيعرف مشاعره!
- انزلي..
قطع تفكيري بِصوته، قعد واتنفِـس بِهدوء:
- أنزلي يا مريم يلا، أنا عارف إنك هتعملي كده.
بصيت لُه وضيقت حاجبي، قعدت جنبه وكملت:
- هو ممكن اسألك سؤال ومتستغربش؟
بصلي باستفسار فكملت:
- عرفت منين إنك بتحبني!
اتنفِـس بِهدوء وكمل:
- لما حسيت بِنار جوا قلبي وأنتِ بتحكيلي على الواد اللي قالك إنه بيحبك.. ولما تعبتي فحسيت إن أنا لو خسرتك روحي ممكن تروح مني، ولما اكتشفت إن عمري ما فضلت باصص في عيون حد دقيقة منغير ما اقلق.. في حين إني ممكن اقعد خمس دقايق باصصلك عادي، لما بقيت بكلم النجمة وبشرحلها مشاكلي.
كملت بِسرحان:
- أنا كمان حسيت بنار لما حسيت إنك هتروح منِّي!
فضل ساكت فكملت وأنا ببصله:
- أنا خايفة أوي تروح يا أدهم، أنا الحاجات اللي بحبها دايمًا بتمشي.. فاكر لمياء صاحبتي اللي كنت بحبها أوي لما مشيت وسابتني علشان لقت أصحاب أجمل! وفاكر لما جدو مات وقعدت اعيطلك! كنت بحبه اوي والله، طيب فاكر يوم موت تيتا.. أو بلاش بلاش، بابا لما مشي وسابنا! أنا كنت بحبه أوي والله يا أدهم..
حسيت إني هعيط فتماسكت وكملت:
- مينفعش تمشي زيهم، والله أنا مليش غيرك أنتَ ورحمة وماما وطنط رأفة.
حس إني خُفت فقرب منِّي وكمل وهو بيحاول يهديني:
- مريومة اهدي وبُصيلي، مفيش أي حاجة! أنا هنا أهو، مش رايح في حتة، أنا جنبك.. اتفقنا!
حركت راسي بِهدوء وكملت وأنا بسند راسي على الكُرسي:
- كل حاجة كويسة، وأنا كويسة..
هم ميعرفوش، مبحبش أقولهم، بس أنا لسه بيجيلي كوابيس وأنا بمسك في بابا علشان ميمشيش.. لسه كل ما ببص لِباب الأوضة بفتكر مسكة جده فيه علشان ميمشيش، مكنتش اعرف إنه مش هيرجع، لما بنام على السرير بفتكر مسكة ايد تيتا وهي بتنطق اسم جدو.. كنت عارفة إنها هتمشي، بس عمري ما اتمنيت إني اصحى على خبر إنها مشيت! بفتكر صاحبتي اللي قالت عني إني كدابة، وبفتكر صاحبتي اللي اتغيرت معايا فجأة، بيحضرني شكلي وأنا واقفة لوحدي وكله وسط ناس.. ببقى عاوزة أعيط، مينفعش أدهم يمشي هو الوحيد اللي موجود في كل اللحظات دي!
***
كنت دخلت في فترة اكتئابي المُعتادة، بدأت ابعد عن كل حاجة، اكلي خف.. وطبعًا لَزمت أوضتي وبطلت أكتب، واختفيت، ومعرفش هو أنا ليه عيلة نكدية! وطبعًا أدهم كان النسمة اللي بتحل كل ده كل ما بفتكر إنه قالي إنه بيحبني.
- مريم، أدهم برا..
بصيت لَها وكملت:
- بس شكلي مش عسول، تعبانة ومرهقة.
كملت بهدوء:
- وهو من أمتى يعني مطلعتيش لِسي أدهم وأنتِ بهالاتك!
على رأيها فعلًا، مش هو اللي هيموت ويشوفني، يستحمل عواقب أفعاله بقى.. لبست الإسدال وخرجتله، أول ما شافني اتنفِـس بِعُمق وكمل بزعل:
- ليه طيب؟
قعدت في وشه وضحكت بِمحاولة مني في نكشُه:
- كُله منك أنتَ يا عديم المفهومية.
كمل بِآسف:
- أنا أسِف، بس فعلًا مكنتش عارف اتصرف، حقك عليا.
ابتسَـمت بِهدوء وكملت:
- أنا اللي أسفة إني خليت يوم أنتَ اكيد كنت بتفكر فيه وحش بالشكل ده، أنتَ بس عارف إني بخاف..
حرك راسه بِهدوء وكمل:
- أنا عارف.
- بتسحب كلامك ولا إيه يا دكتَرة! بطلت تحبني يا ابن رأفة!
ضحك بِهدوء وكمل:
- كنت رجعت فيه من سنين يا عبيطة.
غمضت عيوني، اخَدت نفس طويل وكملت:
- هو لو أنا اتأكدت إني بحبك هيحصل إيه؟
بصلي بِخضة فكملت بهدوء:
- بجد والله يا أدهم، هيحصل إيه!
ابتسَـم بِهدوء وكمل:
- هتجوزك بكره بالكتير، الشقة جاهزة وأمي وأمك موافقين، وخالك بيموت فيا.. يعني حرفيًا كل حاجة جاهزة.
ابتسَـمت بِهدوء وكملت:
- أنا كمان بحبك يا أدهم، بحبك أوي.
"قد كده مشتاق إليه! قد كده ملهوف عليه! نفسي أندهلك بِكلمة.. بِكلمة، متقالتش لحد تاني، كلمة قد هواك ده كُله!"
- عروسة واو، فستان برفيكت، وأدي بوكية الورد بتاع الأميرة!
كُنت لابسة فُستان أحلامي، حاطة ميكب أحلامي، حققت حلمي في إننا نكتب ونتصور ونلف شوية على النيل.. ونسافر، وكُنت مع راجل أحلامي وبيمدلي ورد أحلامي، ابتسَـمت وأنا باخده منه فقرب منِّي.. مسك ايدي باسها بِهدوء وبعدين خدني في حُضنه وباس راسي:
- بحبك يا صديقة كُل أوقاتي، وأيامي، ومراحل حياتي.. بحبك قد الدنيا يا مريم.
- وأنا عرفت يعني إيه حُب على ايدك يا أدهم، حرفيًا عرفت يعني إيه.
"كل الطُرق لِلهرَب مِنك تُؤدي إليك، فَـ.. لِأين سأهرُب!"
لمتابعه باقي فصول الرواية اضغط هنا👇